الأنبا شيشوي.. تائب البرية وتلميذ القديس مكاريوس وأب الرهبان

تُعيد الكنيسة الأرثوذكسية، اليوم الجمعة 12 أبيب حسب التقويم القبطي، إحياء ذكرى رحيل القديس الأنبا شيشوي، “تائب البرية” من أعلام التراث المسيحي ورموز خالدة في التاريخ تُزيده الأعوام ارتفاعًا ومحبةً وتقديرًا.

يروي كتاب حفظ اللتراث المسيحي السنكسار، عن سيرة القديس شيشوي، أنه ولد عام 320 ميلادية، وترهبن على يد القديس مكاريوس الكبير، في برية شيهيت “وادي النطرون حاليًا” خلال عام 340ميلادية وأأصبح من أوائل تلاميذه.

اشتهر تائب البرية أنه محبًا للوحدة والهدوء، وكان ملحوظًا بين عندما كثر عدد الرهبان في شيهيت وانتق فيما بعد إلى جبل القديس أنطونيوس عام 356 ميلادية طلبًا للهدوء، وبعد نياحة أب الرهبان اتبع سيرته بكل اللتفاصيل والدقة، وتبين هذا الأمر من خلال الصوره المنتشرة للقديس شيشوي  وكان له صورة حية منه.  

كان القديس شيشوي يمارس اللرهبنة بإخلاص ومحبة صادقة متفرغًا للصلاة والتقشف وإنعكف الصمت وعمل اليد، ويذكر عنه الصيام طوال الوقت حتى أنه لم يأكل إلا مرة كل يومين  وعاش على هذا الحال سبعين عامًا حسب ماورد في كتب التاريخ المسيحي والتراث القبطي. 

ذكرى رحيل القديس الأنبا شيشوي

رجع تائب البرية إلى شيهيت عام 426م، وكان يبلغ من العمر سن الشيخوخة واشتهرت كلمكاته وأقواله عن الاتضاع والمحبة والجهاد الروحي والهدوء والصمت، ومنها قوله: ” على الإنسان أن يصد ثورة الغضب بمجرد شعوره بها ” وسأله آخر: ” إذا سقطت يا أبى فماذا أصنع؟ ” أجابه القديس: ” انهض من سقطتك “، ولما قال الأخر” وإذا سقطت أكثر من مرة؟ ” فقال له القديس:” أنصحك أن تجاهد حتى النهاية “. وكان يقول: ” جيد للراهب أن يبقى في قلايته، فإذا احتمل البقاء فيها بصبر فسينال بركة من كل صنف “،  ومرة سأله أخر: ” ما هي الغربة؟ “، فأجابه: ” هي الصمت، في كل موضع يوجد فيه الإنسان يجب أن يقول لنفسه ما شأني في هذا الأمر؟ “.
وكان يقول: ” نحن نحتاج إلى طهارة القلب  ولهذا ينبغي أن نهتم كثيراً لا بما نقوله، بل بما نعيشه “وعند نياحته أحاط به الرهبان لأخذ بركته فشاهدوا وجهه يسطع بنور سماوي وسمعوه يقول: ” هوذا الأنبا أنطونيوس وهوذا الرسل والقديسون آتون إلينا ” وسمعوه يهمس مع أشخاص أمامه دون أن يروا أحداً  فسألوه: ” من تخاطب يا أبانا؟ ” فأجاب: ” الملائكة الذين جاءوا ليأخذوا روحي أسألهم أن يتركوني زمناً لأصنع فيه توبة مقبولة ” فانتفع الرهبان جداً. ثم تلألأ وجهه بهالة من النور، وهتف قائلاً: ” اُنظروا هوذا آت. يقول أعطني هذا الإناء المختار “.

ويذكر في التراث أنه قال هذا واستودع روحه في يدي الله وظل وجهه متلألأً بالنور وفاحت من جسده رائحة زكية كما ورد في السنكسار، وهكذا استراح بعد جهاد طويل عن عمر ناهز 110 عامًا.

نقلاً عن جريدة الوفد