معرض بورسعيد للكتاب يحتفي بالمنجز الروائي البورسعيدي

نظمت الهيئة المصرية العامة للكتاب، برئاسة الدكتور أحمد بهي الدين، مساء أمس، ضمن فعاليات معرض بورسعيد السابع للكتاب، المنعقد حاليا تحت رعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، ندوة بعنوان «المنجز الروائي البورسعيدي»، شارك فيها كل من الروائيين إبراهيم صالح، سامح الجباس، السعيد صالح، سمية الألفي، منى الجبريني وأدارها الناقد الدكتور أحمد يوسف عزّت.

المنجز الروائي البورسعيدي

وقد استهلّ الدكتور أحمد يوسف عزت الندوة بالحديث عن «المنجز الروائي البورسعيدي» قائلًا: «إنه كان متحمسًا للحديث عن الرواية في بورسعيد، وأن الأمر قد بدأ من لدن الحكائين الأوائل الذين كانوا يسترسلون في الحديث عن فائض البحر، وبركاته ومغامرات الصيد، ويستجلبون التراث والفلكلور، ويربطون الزمان بالمكان في وحدة عنيفة الجمال.

وقد استمرّت امتدادات الشاطئ الحكائية زمنًا طويلًا، وصولًا إلى الروائي قاسم مسعد عليوة وهو يصول ويجول في مدارات الإنسان، وعلاقته بالجغرافيا ومسارب التاريخ، إلى أن أوجز مشواره الروائي الكبير برواية تُعد من عيون الأدب الروائي المصري، وتلمح فيها أطياف حيّ ابن يقظان ألا وهي رواية “الغزالة”.
ولقد رأينا الراحل المبدع محمد عبده العباسي القمري ابن نوّات الصيد، ومواسم رقص الشباك على صفحة الموج، وهو يبدع لبلدته الأثيرة بإرسالات من سرده الأعظم في روايتي “زمن البحر” و”التوفيقي”، كما رأينا الكاتب والسارد زكريا رضوان وهو يقدم روايته التجريبية المتفردة “عبّادي” وهو أحد أشهر أحياء بورسعيد القديمة.

ولقد رأينا الشاعر الحداثي المتفرد إبراهيم أبو حجة، وهو يختتم مسيرته الأدبية المتميزة؛ برواية شديدة الإبداع عن تداعيات أحداث يناير ألا وهي رواية: “سماء بلون الشفق”، وكذلك شاعر الفصحى، الأديب المتفرد السيد الخميسي وهو شاعر جليل، يكتب روايتيه البديعتين “البشروش”، و”الفرائس”».
كما قدم الشاعر أسامة عبد العزيز مبدعًا في كتابته لرواية “نوافذ مهشمة”، وكذلك راهب المسرح المصري، عباس أحمد وهو يبدع في إحدى فرائد السرد الروائي في العصر الحديث ألا وهي رواية “البلط”.

 

تلا ذلك تقديم مجموعة من الروائيين شهاداتهم والحديث عن تجاربهم الإبداعية الروائية، بدأت بالروائي إبراهيم صالح صاحب رواية “رحال” التي ليست مجرد سيرة من حكايات عن أسفار؛ وإنما هي عمل سردي يجسد نموذجين من الواقع المجتمعي الذي نعيشه: نموذج الشخصية الكلاسيكية والمحافظة الذي ترسبت بداخله معظم قيم وأفكار، وعادات الطبقة المتوسطة من المجتمع المصري، والنموذج الآخر المقابل الشخصية المتفتحة المنطلقة المتخطية لكافة الحدود، والتقاليد على الرغم من انتمائها لذات الطبقة. 

العمل الذي يقدم صراعًا ما بين عالمين متباينين لشخصيتين تنتميان إلى ذات المجتمع وذات الطبقة؛ ولكن الهوة شاسعة بينهما وتثير عددًا من التساؤلات منها: هل الحب قادر على هزيمة ما جبلت عليه النفوس، وغرزته البيئة في الشخصية وترسب داخلها؟ وهل الحب قادر على أن ينجينا من أنفسنا التي في العديد من الأحيان تدفعنا إلى حافة التهلكة؟ وهل السباحة بعيدًا عن كل الحدود والأعراف والتقاليد المجتمعية هو الصواب المطلق؟
وتحدث الروائي سامح الجباس صاحب روايتي “رابطة كارهي سليم العشي” و”بوستة عزيز ضومط” عن تجربته الإبداعية قائلًا: إنني في اختياراتي في الكتابة أؤمن بأشياء عديدة، منها أنه ليست وظيفة الفن أن يدخل من أبواب مفتوحة؛ ولكن أن يفتح أبوابًا مغلقة، وهذا هو الطريق الذي اخترته من البداية.

وأعرب الكاتب عن فرحته بمعرفة أن روايته “رابطة كارهي سليم العشي” مازالت تُقرأ وتثير الجدل بعد ثلاث سنوات من صدورها، موضحا أن الكتابة بالنسبة له تحمل شقين، الأول: هو قيمة الكلمة سواء أكانت منطوقة، أو مكتوبة خاصة حيث إنه يؤمن بمقولة الكاتبة إيميلي ديكنسون “بأن الكلمة حين تُقال تبدأ رحلتها في الملكوت”.
وأوضح أن الكتابة هي فعلٌ شخصيّ وذاتيّ، ينبع من أعماق صاحبه، وأنه يتبع إحساسه الشخصي في الكتابة. وسأله المحاور أحمد يوسف عزت عن كيفية اختياره لأفكاره في الكتابة، هل تخضع لخطة واضحة ومتسلسلة يتبعها أم أن الأفكار تناديه؟ فأجابَ بأن الفكرة هي من تناديه أو يقابلها بين الطرقات لتستهويه، وتجذبه للبحث والكتابة عنها، مثل شخصية عزيز ضومط التي دخلت الرواية أثناء كتابة الفصل الأول.

وقال الروائي السعيد صالح: إنه يجب أن يقرّ أنه من الروائيين الذين يكتبون الرواية الحديثة، التي تأثرت بالأشكال الفنية المختلفة، فقد أخذت الرواية الحديثة من الشعر: الحكي الشعري، وشعرية الكلمة، والوصف الدقيق للأشياء، ومن القصة القصيرة: كثافة اللغة، ومن المسرح: الحوار، ومن الموسيقى البولوفونية: (تعدد الأصوات) ومن السينما: المونتاج بأنواعه، والفلاش باك والتناوب، ومن علم النفس تقنية تيار الوعي بأدواته من مونولوج داخلي وخارجي وهذيان، وأحلام وتداعي حرّ.

وقمنا بفتح فضاء الزمان والمكان، بحيث ينكسر التحديد القاسي لمجرى الأحداث، وقد اعتمدت كتاباته على التوثيق والتسجيل، وقد تناول مجموعة من القضايا مثل: الحرية، الحب، الاعتناء بالآخر، ودعا الجمهور إلى قراءة أحدث رواياته “التركة الفرنسية”.
وقالت الروائية سمية الألفي: إن أعمالها دائمًا ما تدعو إلى التماسك الأسري والاجتماعي، وقد ركّزت في روايتها “ميدان التحرير يخرج من الكافيتريا” على قضية الأسرة، وما يمكن أن يزعزع استقرارها وثباتها، وكيف أن هذا العمل يهتم بالأحوال المصرية في أعقاب ثورة يناير، وما آل إليه المجتمع من فساد اجتماعي وأخلاقي وانتشار للمخدرات، ففي هذا العمل شخصيات واقعية نراها في كل موضع، وفيها الكثير من البؤس والحرمان الذي طال جموع المصريين. فهذه الرواية لبنة في جدار الأعمال، التي تناولت أثر الثورة على البسطاء، والمهمشين الذين تفاءلوا بها.
واختتمت الندوة الروائية منى الجبريني في كلمتها؛ التي أوضحت فيها تأثرها الكبير بالأدب الإنجليزي، وبخاصة مسرحية “ماكبث” للكاتب الإنجليزي شكسبير التي تأثرت بأسلوبه في الكتابة عن النفس البشرية وصراعاتها، مما جعلها تهتم بعلم النفس، ويظهر هذا جليًا حتى في عناوين روايتيها “دائرة الهوس” و”صرخة أخيرة”.
أعتبر الكتابة تجربة ممتعة على المستوى الشخصي، وأحاول توصيل هذا الشعور للقارئ، وتعتبر الفترة السابقة التي كتبت فيها، وهي عشر سنوات هي تدريب على العناصر الروائية.
وقد كتبت روايتي الأخيرة “صرخة أخيرة” وأنا أحاول نقل المتعة إلى القارئ، وعن تفاعلها مع المجتمع الثقافي حولها، فإن لها صالون خاصًا تجمع فيه الكتّاب، وأنه يجب أن يتواجد الكاتب حول مجموعة من الكتّاب؛ كي يستطيع أن يثري تجربته الأدبية وينفع المجتمع.

نقلاً عن جريدة الوفد