مطالب شعبية بمعاقبة «تجار الأزمات»

تشديد الرقابة على الأسواق أفضل الحلول

رصدت الوفد حالة الارتباك فى الأسواق لليوم الثالث على التوالى، بعد قرار لجنة التسعير الخاصة بالمواد البترولية، الخميس الماضى، برفع أسعار البنزين والسولار للمرة الثانية خلال عام 2024، حيث تزايد الاشتباك بين المواطنين والسائقين وتجار الأزمات الذين يستغلون فرصة تحريك أسعار المحروقات ويرفعون أسعار الأجرة والسلع الاستهلاكية بشكل مبالغ فيه، لذا يطالب المواطنون الحكومة بضبط الأسعار، متسائلين عن دور جهات الرقابة على الأسواق بعد هذا الغلاء الفاحش.
كثيرٌ من المواطنين يرون أن تبعات قرار زيادة البنزين ستكون وخيمة داخل الأسواق البعيدة عن أعين الرقابة، فى عمليات السرقة التى كانت تتم، مشيرين إلى أنه هناك تفاوت فى الأسعار قبل زيادة سعر البنزين، فما الحال بعد ارتفاعه رسميًا.
وأكد أحمد الشريف، المواطن الستينى أن «زيادة فى البنزين تعنى زيادات فى أسعار السلع وحالة غلاء جديدة»، ولا أعرف كيف سأواجه أى زيادات جديدة فى الأسعار بعد غلاء البنزين، فالمعاش بالكاد يكفينى أنا وأسرتى».
وقالت مريم طارق، طالبة جامعية: «إن سائقى الميكروباص قاموا خلال الأيام الماضية بزيادة سعر تعريفة الركوب عن السعر المقرر من جانب الحكومة، وهذا ضاعف الأعباء على الكثير ممن يضطرون لركوب هذه الوسيلة ولا بديل لديهم للمواصلات».
ووافقها فى الرأى عاصم أمين، موظف، قائلًا: «هناك تفاوت فى ارتفاع الأجرة الخاصة بالسرفيس وفقًا للمسافة والخطوط التى تقطعها السيارات، وتم تحديد أجرة السرفيس سواء على الخطوط الداخلية فى المدينة، أو أجرة السرفيس فى الخطوط الطويلة بين المدن وبعضها البعض ولكن لم يلتزم بها السائقون، فهناك ارتفاع فى أسعار السلع وأجرة النقل، سواء للأفراد أو البضائع، وذلك بسبب غياب الرقابة على الأسواق وجشع التجار وأصحاب المحلات والبضائع.
وعن أن التجار هم السبب، رد محمد رزق، صاحب متجر للفواكه والخضراوات: «إن التجار ليسوا سبب الأزمة، بل إن الزيادات فى الوقود ستؤدى لزيادات كبيرة فى أسعار الخضراوات والفواكه فمن المنبع سيضطر الفلاح لزيادة سعر المحصول الزراعى لأن تكلفة الإنتاج زادت عليه، فضلاً عن زيادة أسعار النقل وخلافه».
وقال المهندس حازم الجندى، عضو مجلس الشيوخ، وعضو الهيئة العليا بحزب الوفد، إن الجميع يعى ضرورة تعديل أسعار الوقود لسد الفجوة التمويلية وتخفيف الضغط على الموازنة العامة للدولة، مشيراً إلى أن الدولة تخصص 147 مليار جنيه لدعم المواد البترولية فى موازنة هذا العام، وهو ما يمثل زيادة غير مسبوقة، لكنه أحد تداعيات الأزمات العالمية المتلاحقة والتى بدأت مع جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية وما خلّفته من أزمة تضخمية عانى منها العالم والتى تسببت فى ارتفاع أسعار السلع بشكل جنونى، مضيفًا أن الدولة حاولت لفترة طويلة تحمل الأعباء بدلًا من تحميلها للمواطنين، ما أدى إلى زيادة المخصصات الموجهة للدعم، ولكن مع ارتفاع أسعار النفط عالميا بات الأمر فى غاية الصعوبة، موضحاً أن سعر لتر السولار إلى 20 جنيهًا فيما أنه يباع بـ10 جنيهات، مما يعنى أن تكلفته ضعف ثمن بيعه. وتستهلك مصر نحو 16-18 مليار لتر سنويًا، ما يؤدى إلى دعم بنحو 60 مليار جنيه.
ونوه عضو مجلس الشيوخ، إلى أن تعديل سعر الوقود خلف مخاوف لدى المصريين من خطورة التعرض لموجة غلاء جديدة تطال كافة السلع والخدمات، وهو ما يتطلب تحركات حكومية على كافة المستويات لمواجهة موجة الغلاء المتوقعة، خاصة أن التجار يقومون برفع الأسعار بشكل مضاعف بحجة ارتفاع أسعار النقل وتكلفة الإنتاج، مطالبًا الحكومة بضرورة إحكام الرقابة على الأسواق، والتأكد من توافر السلع الغذائية والأساسية، وتشديد الرقابة على أماكن تخزين وتداول السلع حفاظًا على حقوق المواطنين ضد أى تلاعب أو استغلال، مطالبًا بسرعة تحديد تعريفة الركوب الجديدة لجميع المواصلات العامة، والمرور على محطات الوقود لتكثيف الرقابة عليها، والتأكد من وصول الحصص كاملة وعدم الاتجار بها فى السوق السوداء مع اتخاذ إجراءات وعقوبات رادعة على المخالفين، مشددا على ضرورة التوسع فى المبادرات التى من شأنها دعم الفئات الأولى بالرعاية.
وقال الدكتور السيد خضر، الخبير الاقتصادى، إن هناك عدة إجراءات واستراتيجيات يمكن اتخاذها لمنع ارتفاع أسعار السلع الغذائية والاستراتيجية فى الأسواق، منها تعزيز الرقابة والمراقبة الحقيقية على أداء الأسواق، من خلال تكثيف الجهود الرقابية التفتيشية على الأسواق والمنشآت التجارية، وذلك لضمان عدم المبالغة فى زيادة الأسعار، ولا ننسى فرض غرامات وعقوبات صارمة على المخالفين لمنع الممارسات الاحتكارية وارتفاع الأسعار بشكل مبرر، كما يجب توفير الدعم والحوافز للمنتجين والتجار وتقديم دعم مالى أو إعفاءات ضريبية للمنتجين والتجار، وذلك لتعويضهم عن ارتفاع تكاليف الإنتاج والنقل، وتشجيع الاستثمار وتوسيع الإنتاج من خلال برامج تمويلية ميسرة لزيادة المعروض فى الأسواق، وتعزيز المنافسة واللامركزية فى الأسواق من خلال تشجيع دخول منافسين جدد، وتنويع مصادر الإمداد للحد من السيطرة الاحتكارية، كذلك تشجيع المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتسهيل وصولها للأسواق، فضلًا عن زيادة الاستثمار فى البنية التحتية للنقل والتخزين لتقليل التكاليف اللوجستية.
وأوضح «خضر» أنه يجب ألا ننسى تعزيز التنسيق الحكومى وحماية المستهلك، والتنسيق بين الجهات الحكومية ذات الصلة لمتابعة الأسعار وفرض الضوابط اللازمة، وتفعيل دور جمعيات حماية المستهلك، وتوعية الجمهور بحقوقهم، وبالتالى تطبيق هذه الإجراءات بشكل متكامل سيساهم فى الحد من ارتفاع أسعار السلع وحماية المستهلكين، وكذلك تعزيز المنافسة واللامركزية فى الأسواق، وتبسيط إجراءات الترخيص وتسهيل دخول منشآت جديدة لأسواق، وتشجيع الاستثمار فى المناطق الأخرى، بخلاف المراكز الحضرية الكبرى، ودعم تطوير البنية التحتية للتجارة الإلكترونية لتوسيع قنوات البييع، كما أن عملية تعزيز التنسيق الحكومى وحماية المستهلك، وإنشاء لجنة وزارية عليا لمتابعة أسعار السلع الأساسية والاستجابة السريعة للتطورات، كذلك تطوير قوانين وتشريعات صارمة لحماية المستهلك، وتفعيل دور الجمعيات المعنية، وشن حملات توعوية إعلامية للمستهلكين بحقوقهم بالأسعار العادلة.

 

نقلاً عن جريدة الوفد