الساعد: بين سردية الضاحية.. ورواية رفح!

بوابة الزهراء: علق الكاتب محمد الساعد، على السردية الإعلامية التي تتبناها ما تسمى بالمقاومة من طهران حتى الضاحية لتسويق مشروع سياسي عابر.

سردية الضاحية

وقال  الساعد في مقال له بعنوان “بين سردية الضاحية.. ورواية رفح!”، المنشور بصحيفة “عكاظ”: للهزائم العسكرية أدبياتها، وللخطايا سرديتها، يصر المنهزمون والخاسرون والمتورطون فيها على تقديم روايتهم بدلاً من الحقيقة، ويصرون أكثر على أن تصدقها وتؤمن بها وتتعاون معهم على ترويجها وتسويقها وتتواطأ معهم على تغييب الرواية الحقيقية، وإلا سيتم شيطنتك وترهيبك وإغواء العوام بك.

التوقيتات الخاطئة

وأضاف: هذا هو حال المنهزمين من أصحاب الخطايا في حق شعوبهم وحق العالم العربي الذي ورطوه في كل مغامراتهم وعملياتهم العبثية غير المنضبطة وغير الواقعية، منذ هزائم الجيوش العربية أمام إسرائيل قبل عقود وحتى الآن، مشيرا: اليوم يقوم أنصاف وأرباع المقاومين بالذهاب للمعارك الخاطئة، في التوقيتات الخاطئة، حاملين معهم روايتهم المعلبة، وقصصهم الكاذبة.

انتصارات كاذبة

وأكمل: مجرد إمكانات فقيرة وأمنيات وأوهام وأحلام لا تتناسب وحجم المعركة ولا حجم خصمهم، وعندما يتورطون يبدأون في حياكة رواية أخرى بعيداً عن الحقيقة، رواية عن انتصارات كاذبة لا تتعدى حناجرهم وأسلاك الميكرفونات التي تنقل خطبهم وصيحاتهم، يحاولون من خلالها الحفاظ على صورتهم «المقاومجية» التي بنوها على مدى سنوات، باعوا فيها أوهام التحضير والحشد ليوم المعركة الكبير، فلا هم الذين انتصروا ولا هم الذين سلمت من مغامرتهم شعوبهم.

حفلات الشتائم

وزاد: في اليوم التالي للهزيمة يقومون بلوم الآخرين الذين لم يتورطوا معهم أو حاولوا ثنيهم عن خطاياهم، ثم يهاجمونهم بضراوة، ثم يخترعون ضدهم قصص الخيانة والخذلان، أخيراً يغرون الغوغاء والعوام بهم، لتبدأ حفلات الشتائم والاتهامات والتكفير والصهينة.

الملمات والهزائم

وأردف: تغيير مصطلح هزيمة إلى نكسة ليس جديداً، فقد ابتدعه الصحفي محمد حسنين هيكل بعد هزيمة 67، ولاقى استحساناً داخل المجتمعات المنكسرة المكلومة، لقد كانت مجرد عبارة للتخفيف من فاجعة الهزيمة، لكن ما حصل أن العقل الجمعي العربي تبناها وأصبح يلجأ لها في الملمات والهزائم، وبدلاً من الاعتراف بالهزيمة والسعي للنصر كما حصل في مصر التي بدأت من فورها حرب الاستنزاف حتى انتهت بحرب «التحريك» في العام 1973، ثم توجت ذلك بحكمة، متبنين معادلة «الأرض مقابل السلام» ولولا ذلك لبقيت مصر أسيرة النكسة لليوم.

هزيمة نكراء

وأوضح: من شروط أن تصبح إعلاماً مقبولاً في فضاء «المقاومجية» وجماهيرهم، عليك أن تتبنى روايتهم أولاً، ثم تروّج للمصطلحات التالية، وهي مستقاة من روح معركة 2006 التي خرج منها حزب الله بهزيمة نكراء، ومن معركة غزة الأخيرة التي نشاهد فها الآلام والخسائر الفادحة، وهي على سبيل المثال: (العدو لا يجرؤ على الغزو البري، العدو لا يستطيع تحمّل أسر جنوده. العدو سيتفاوض رغماً عنه لأن المقاومجية اختطفوا المدنيين).

استدراج العدو

ومضى: عندما تتقدم الدبابات والعربات المصفحة والجنود المتأهبون إلى داخل غزة تتحول المصطلحات إلى غزة مقبرة الغزاة.. رمال غزة تبتلع جيش العدو.. النقطة صفر.. الميركافا تسقط أمام صواريخ القسام.. الأنفاق ستبتلع الجيش الإسرائيلي، لنكتشف أن الإسرائيلي تقدم دون مقاومة تغير المعركة، وأن لديه أنفاقاً تحت الأنفاق الحمساوية والتي كبّدت الفلسطينيين مليارات الدولارات دون فائدة لا عسكرية ولا مدنية، لافتا: العدو يخشى الالتحام المباشر. استدراج العدو نحو معارك الشوارع، ومع ذلك نرى العدو يتجول بحرية في شوارع غزة.

صواريخ ردع 

واستطرد: العدو لا يتحمّل الخسائر البشرية، ثم نكتشف أن الجيش الإسرائيلي يقصف كل نقطة تخدم مصالحه، حتى لو كان بها إسرائيلي، مضيفا: لدينا 50 ألف صاروخ. بالطبع هي مجرد مواسير من تنك غير مؤثرة، وليست صواريخ ردع يمكن أن تغير المعركة ومع ذلك توقفت في ثاني أيام الحرب.

أمنيات وروايات 

وتابع: الإسرائيلي يتألم، الاقتصاد الإسرائيلي يترنح، اليهود يهاجرون إلى خارج إسرائيل، المجتمع الإسرائيلي في أزمة وينقسم.. كلها مجرد أمنيات تتحول إلى روايات تتكرر منذ 1948، فلا إسرائيل أغلقت حقائبها وغادرت المنطقة، ولا اقتصادها يترنح، ولا مجتمعها منقسم، ولا العالم الغربي تخلى عنها، بل إن اقتصاد حماس يعتمد على الشيكل الإسرائيلي، ولم تستبدلها لا بالدينار الأردني ولا بالجنيه المصري القريبين منهم، إذن عليك أن تتبنى رواية القاتل، وتتهم بدلاً منه قاتلاً آخر حتى يرضى عليك المقاومجية، ولن يرضوا مهما فعلت لهم).

رواية حزب الله

وأشار: مثال ذلك حادثة مقتل الأطفال العرب في مجدل شمس، عليك أن تصدق رواية حزب الله، بالرغم من يقينك أن من فعلها هو حزب الله، ثم عليك أن تشارك في غسل أيديهم من دماء الأطفال، وبالطبع ليست الأولى، فقد قتل الحزب الأطفال السنة في العام 2008 إثر احتلاله بيروت، إنها عملية معقدة عليك أن تفصل فيها بين ضميرك وأخلاقك وبين تواطئك في نشر رواية حزب الله.

استلاب الجماهير

وختم، قائلا:”كل هذه السردية الإعلامية والهجمة الكبيرة -غير الجديدة- التي يتبناها خط ما يسمى بالمقاومة من طهران حتى الضاحية مروراً ببعض العواصم التابعة، هي تسويق لمشروع سياسي عابر لا أكثر ولا أقل، بهدف استلاب الجماهير وتوجيههم لتنفيذ أجندات أبعد من غزة، تشمل إسقاط الحكومات، والاغتيال المعنوي لشعوب ودول لا تتبنى الرواية المقاومجية، وعليك هنا إما أن تقاوم المشروع السياسي وروايته وسردياته أو تصبح جزءاً من المشروع ثم تفاجأ يوماً ما أنه تم احتلال أرضك وسلطتك بعدما تم احتلال عقلك وضميرك”.