في قلب منطقة الأناضول في تركيا، تم اكتشاف إحدى أكبر العجائب الأثرية في العالم. في عام 1963، أثناء عمليات الترميم لأحد المنازل، اكتُشف مدخل يؤدي إلى مدينة تحت الأرض يعود تاريخها إلى آلاف السنين، هذه المدينة، المعروفة الآن باسم “ديرينكويو”، تعتبر واحدة من أكثر الاكتشافات المدهشة في التاريخ الحديث، وهي شهادة على براعة الإنسان القديم وقدرته على التكيف مع الظروف القاسية.
معجزة الحضارة القديمة
ديرينكويو ليست مجرد شبكة من الأنفاق والغرف، بل هي مدينة متكاملة تضم مدارس، مطابخ، كنائس، وبيوت سكنية، وحتى إسطبلات للحيوانات، تم تصميم هذه المدينة لاستيعاب ما يصل إلى 50 ألف شخص، وهو عدد ضخم يثير الدهشة ويشير إلى عظمة التخطيط المعماري لهذه الحضارة القديمة.
الغرض من بناء المدينة تحت الأرض
كان الهدف من بناء هذه المدينة العظيمة هو الحماية من الغزاة والأعداء في أوقات الحروب، وكذلك الاحتماء من الظروف المناخية القاسية، وكان سكان ديرينكويو قادرين على العيش في أمان تحت الأرض لفترات طويلة، حيث كان لديهم نظام متكامل لجلب المياه، وتهوية الهواء، وتخزين الطعام.
النظام الهندسي المعقد
المثير للإعجاب أن ديرينكويو ليست مجرد سلسلة من الكهوف العشوائية، بل تم بناؤها بشكل منهجي ومدروس، وتحتوي المدينة على ممرات سرية وفتحات تهوية ذكية تضمن تدفق الهواء إلى جميع أنحاء المدينة، كما تم بناء آبار لجلب المياه من طبقات الأرض العميقة، مما مكن السكان من البقاء لفترات طويلة دون الحاجة للخروج إلى السطح.
تجربة الحياة تحت الأرض
عاش سكان ديرينكويو حياة شبه طبيعية تحت الأرض، كانت هناك مدارس لتعليم الأطفال، وكنائس لأداء الطقوس الدينية، ومطابخ لإعداد الطعام. حتى الحيوانات كانت جزءا من الحياة اليومية، حيث خصصت إسطبلات لتربيتها،وكانت المدينة توفر للسكان جميع احتياجاتهم الأساسية للحياة، مما جعلها ملاذ آمنا لهم في أوقات الأزمات.