بين الأمل والإصرار، هناك قصص نجاح تلهم الملايين وتثبت أن التحديات يمكن أن تتحول إلى فرص، واحدة من هذه القصص هي قصة هاري وين، رجل الأعمال الأمريكي الذي تحوّل من عامل بسيط في مجال القمامة إلى صاحب إمبراطورية تجارية، وبالرغم من بداياته الصعبة، تمكن وين من تحويل حلمه إلى واقع من خلال الاستثمارات الجريئة والإصرار على النجاح.
البداية من ظروف صعبة: نشأة هاري وين
وُلد هاري وين في عام 1937 في مدينة شيكاغو، لعائلة ذات أصول هولندية، وكان يعيش في ظروف قاسية، حيث تميزت طفولته بصعوبات كبيرة، منها العنف الذي تعرض له من والده، بالإضافة إلى التحديات المالية التي جعلت إكمال دراسته أمراً مستحيلاً، وعندما كان في الخامسة عشرة من عمره، اضطر وين لترك المدرسة للانضمام إلى سوق العمل لدعم عائلته بعد انفصال والديه.
خلال سنواته الأولى، عمل وين في مجموعة متنوعة من المهن، منها سائق سيارة وعامل في محطة بنزين، ثم التحق بالجيش الأمريكي آملاً في الحصول على فرصة عمل مستقرة، لكنه انسحب بعد أقل من سنة.
الانتقال من عامل إلى رائد أعمال
بعد تجربته القصيرة في الجيش، عاد هاري وين إلى شيكاغو بحثاً عن عمل جديد، حيث حصل على وظيفة كسائق شاحنة قمامة في إحدى الشركات، استمر في هذا العمل لمدة عامين، مما أكسبه خبرة قيمة في هذا المجال وأدى إلى فكرة إنشاء شركته الخاصة.
في عام 1962، قرر وين أن يأخذ خطوة جريئة: استقال من عمله واقترض 5 آلاف دولار من والد زوجته لشراء شاحنة قمامة صغيرة وبدء العمل بشكل مستقل، خلال فترة قصيرة، تمكن من الحصول على عدد كبير من العملاء وتوسيع شركته، التي كانت تتضمن جميع المناصب في البداية، من مدير إلى سائق شاحنة.
بناء إمبراطورية النفايات
سرعان ما نمت شركة وين وحققت سمعة واسعة، مما دفعه إلى التفكير في توسيع نطاق عمله، وفي عام 1968، قام بدمج شركته مع شركة صديق له، ليصبح الاسم الجديد “Waste Management”، وبفضل استراتيجيته التوسعية، أصبحت الشركة واحدة من أبرز شركات النفايات في العديد من الولايات الأمريكية.
واصل وين التوسع عن طريق ضم العديد من الشركات الناشئة في مجال النفايات، ليتجاوز عدد الشركات التابعة لشركته 130، وبحلول عام 1971، كانت الشركة قد حققت إيرادات سنوية تصل إلى 82 مليون دولار، مع عدد موظفين يتجاوز 60 ألفاً و600 ألف عميل.
الانتقال إلى مجالات جديدة
بعد تحقيق النجاح الكبير في مجال النفايات، قرر هاري وين استثمار ثروته في مجال آخر، وفي عام 1984، اشترى شركة “Blockbuster Video”، وهي شركة ناشئة في مجال تأجير شرائط الفيديو، وبدعم من مجموعة من رجال الأعمال الآخرين، استثمر 18 مليون دولار في تطويرها، تحت قيادته، توسعت “Blockbuster” بسرعة لتفتح أكثر من 3000 فرع في 10 دول.
في عام 1994، باع وين شركته بصفقة ضخمة تجاوزت 8 مليارات دولار، مشيراً إلى نجاحه في قطاع الفيديو.
التنوع في الاستثمارات والعودة إلى النفايات
بعد بيع “Blockbuster”، انتقل وين إلى مجالات جديدة، فأسس شركة “AutoNation” لبيع السيارات في عام 1996، وسرعان ما توسعت لتضم 370 فرعاً في أمريكا، كما استثمر في قطاع الفنادق، حيث أنشأ سلسلة من 500 فندق قبل بيعها بمبلغ ضخم في عام 2004.
واصل وين الاستثمار في الأندية الرياضية وحقق أرباحاً ضخمة، ثم عاد إلى القطاع الذي بدأ منه، من خلال إنشاء شركة نفايات جديدة ودمجها بشركته السابقة.
توفي هاري وين في عام 2018 عن عمر يناهز 81 عاماً، تاركاً وراءه إرثاً ضخماً وقصة نجاح ملهمة، إن رحلته من عامل بسيط إلى رائد أعمال بارز تبرز مدى قوة الإصرار والإبداع في تحقيق الأهداف.