ما زالت الحضارة المصرية القديمة تبوح بأسرارها من خلال الاكتشافات الأثرية التي تظهر بين الفينة والأخرى،ففي العقود الماضية شهدت مصر العديد من الاكتشافات الأثرية التي أبهرت العالم وأسهمت بشكل كبير في تغيير تاريخ العالم بأسره، ولعلك ستفاجأ إذا عرفت أن بعض هذه الاكتشافات تمت بمحض الصدفة، ويرجع الفضل في العثور عليها في المقام الأول إلى حيوان “الحمار”، ذلك الحيوان الذى يعمل في خدمة الإنسان منذ نحو 7 آلاف سنة، في السطور التالية سوف نسلط الضوء على 3 كنوز أثرية مهمة لعب فيها “الحمار” دورا مهما في اكتشافها والعثور عليها.
مقبرة توت عنخ آمون
تعد مقبرة الملك توت عنخ آمون، والتي تم اكتشافها في عام 1922 بمنطقة وادي الملوك بالأقصر، عن طريق عالم الآثار الشهير هوارد كارتر، أيقونة مصرية خالدة، ويظل اكتشافها هو أحد أهم الاكتشافات الآثرية حتى الآن، واستمرت الحفائر لمدة خمسة مواسم عمل إلى أن ظهرت المقبرة، وقد كشف عن أولى درجات مدخلها الحجرى الصبي الصغير حسين عبدالرسول والذي كان عمره حينها لم يتجاوز الثالثة عشرة.
حواس يكشف كيفية العثور على مقبرة توت عنخ امون
وقد صرح عالم الآثار المصري زاهي حواس، إن الصبي حسين عبد الرسول كان مكلفا بإحضار مياه الشرب للعمال على ظهر حماره، وفي صباح يوم 4 نوفمبر 1922 وبينما يقوم حسين عبد الرسول بحفر مواضع لجرار الماء ظهرت السلمة الحجرية الأولى التى قادت كارتر إلى مدخل المقبرة، وكمكافأة للصبي حسين عبدالرسول أمر كارتر بالتقاط صورة له وهو يرتدي قلادة رائعة من كنوز الملك توت عنخ آمون، وكانت هذه الصورة مصدر رزق حسين عبدالرسول حتى وفاته بعد أن تجاوز الثمانين من عمره.
محتويات مقبرة توت عنخ آمون
وقد احتوت مقبرة الملك توت عنخ أمون على نحو 5000 قطعة أثرية، أبرزها القناع الذهبي للملك الصغير، الذي لا يقدر بثمن، وتعكس مقتنيات الملك نمط الحياة في القصر الملكي، وتشمل الأشياء التي كان يستخدمها في حياته اليومية مثل الملابس والمجوهرات ومستحضرات التجميل والبخور والأثاث والكراسي والألعاب والأواني المصنوعة من مجموعة متنوعة من المواد والمركبات والأسلحة وغيرها.
مقابر كوم الشقافة
اختيرت مقابر كوم الشقافة كأحد عجائب الدنيا السبع في العصور الوسطى، وتم اكتشافها قبل سنوات من اكتشاف مقبرة الملك توت عنخ أمون، حيث بدأ التنقيب في منطقة كوم الشقافة جنوب حي مينا البصل محافظة الإسكندرية، منذ عام 1892، وفي يوم 28 سبتمبر سنة 1900 عُثر عليها عن طريق الصدفة البحتة، حيث سقط حمار في الفتحة الرئيسية للمقبرة على عمق 12 مترا، وبالتالي عرفوا أن هناك آثار في هذه المنطقة.
تتكون المقبرة من سلسلة من المقابر والتماثيل والبقايا الأثرية الإسكندرانية لعبادة الجنائز الفرعونية، وبسبب الفترة الزمنية حينها، فإن العديد من سمات سراديب الموتى في كوم الشقافة تجمع النقاط الثقافية الرومانية واليونانية والمصرية.
وادى المومياوات الذهبية
تم اكتشاف مقبرة وادي المومياوات الذهبية فى منطقة الواحات البحرية فى الصحراء الغربية، في عام 2000، وتم العثور على نحو عشرة آلاف مومياء ذهبية، وأغلبها ذات أقنعة وصدور مذهبة ومزخرفة بالنقوش الهيروغليفية والرسومات الدينية، وتعود قصة هذا الاكتشاف إلى يوم 2 مارس عام 1996م، عندما غيّر حمار الشيخ عبد الموجود، حارس معبد الإسكندر الأكبر، طريق عودته الليلية بعد انتهاء نوبة حراسة صاحبه، فغاصت قدما حماره فى حفرة، وعلى الفور هبط الشيخ عبد الموجود من على حماره ليستطلع الأمر، فنظر فيها فلم ير غير شيء يلمع فى الظلام، فذهب إلى مدير آثار الواحات البحرية، ليخبره بما رأى، ولم يكن هذا الذي رآه الشيخ عبد الموجود سوى قناع ذهبى يغطي وجه مومياء، ومن هنا جاءت تسمية الوادى باسم “وادي المومياوات الذهبية”.
وقام علماء الآثار بإجراء مسح أثري للموقع المكتشف، فتأكدوا من صدق كلام الشيخ عبد الموجود وحقيقة الاكتشاف، فأخطروا الدكتور زاهي حواس، وبدأت أعمال الحفائر العلمية المنظمة فى مارس عام 1999م، وتعود المومياوات المكتشفة إلى القرنين الأول والثاني الميلاديين، عندما كانت مصر تحت الحكم الرومانى، وتظهر هذه المومياوات المكتشفة، استمرارية الديانة المصرية فى هذه الفترة على الرغم من وجود المعتقدات اليونانية والرومانية الخاصة بالطبقة الحاكمة، التى تأثرت بدورها بالديانة المصرية القديمة.