تعتبر قضية الإيجار القديم من أبرز القضايا الشائكة التي تواجه المجتمع المصري منذ عقود طويلة، وأدت هذه القضية إلى خلق العديد من الخلافات المستمرة بين الملاك والمستأجرين، مما أثر بشكل كبير على حياة الكثير من المواطنين، ما خلق العديد من التحديات القانونية والاجتماعية والاقتصادية.
وقال الدكتور السيد خضر الخبير الاقتصادي، إن قضية الإيجار القديم تمثل تحديا متعدد الأبعاد، فمن ناحية اقتصادية، يؤدي انخفاض الإيجارات إلى تراجع العائدات على الاستثمار العقاري، مما يخفض رغبة المستثمرين في ضخ المزيد من الأموال في هذا القطاع.
ومن ناحية أخرى، يعاني المستأجرون من عدم الاستقرار وعدم القدرة على التخطيط لمستقبلهم السكني، الأمر الذي يؤثر سلبا على كفاءة السوق العقاري، ويؤدي إلى نقص في المعروض من الوحدات السكنية بأسعار معقولة، ما يزيد من الضغط على الطبقات الضعيفة.
أزمة الإيجار القديم
أضاف «خضر» أن حل أزمة الإيجار القديم يتطلب مزيجا من الإجراءات القانونية والاجتماعية، فمن جهة، يجب إصلاح التشريعات الحالية المتعلقة بالإيجارات، لجعلها أكثر مرونة وعادلة، ومن جهة أخرى، يجب العمل على تطوير البنية التحتية وتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين، وتشجيع الحوار والتفاهم بين جميع الأطراف المعنية، من خلال هذا النهج الشامل، يمكن تحقيق حلول مستدامة لأزمة الإيجار القديم وتوفير سكن مناسب لجميع شرائح المجتمع.
وضع حلول لأزمة الإيجار القديم
أوضح أن زيادة الإيجارات ستلقي بعبء إضافي على كاهل المواطنين، حيث ستؤدي إلى تضخم المصروفات الشهرية للأسر، ما قد يضطرهم إلى تقليص نفقاتهم على سلع وخدمات أخرى، مشيرا إلى أن ارتفاع أسعار الإيجارات سيزيد من الحاجة الملحة للسكن، ما قد يدفع العديد من المواطنين إلى البحث عن بدائل سكنية أقل تكلفة، التي قد لا تكون بالجودة المطلوبة.
وأشار الخبير الاقتصادي، إلى أن سياسة الإيجار القديم الحالية قد تؤدي إلى زيادة أعداد الشقق المقفلة، حيث قد يفضل بعض الملاك عدم تأجير عقاراتهم بأسعار منخفضة، ما يؤثر سلبا على القيمة السوقية لهذه العقارات، ويقلل من العرض المتاح في السوق.
وأكد أن هذا النقص في المعروض، سيؤدي بدوره إلى ارتفاع أسعار الشقق المتاحة للإيجار، ما يزيد من الأعباء المالية على المستأجرين، مشيرا إلى أن حل أزمة الإيجار القديم يتطلب إيجاد توازن بين حقوق الملاك وحقوق المستأجرين، من خلال تطوير آليات عادلة لتحديد الإيجارات، وتشجيع الاستثمار في قطاع الإسكان، بهدف خلق سوق عقاري أكثر مرونة واستقرارا.
حل مشكلة الشقق المغلقة
أكد إيهاب منصور، عضو مجلس النواب ورئيس برلمانية الحزب المصري الديمقراطي، أن قضية الإيجار القديم تمثل تحديا مستمرا ومعقدا، حيث فشلت المحاولات السابقة في حلها بشكل نهائي، ويرجع ذلك إلى تضارب المصالح بين الملاك والمستأجرين، ما يجعل أي حل مقترح يواجه مقاومة من إحدى الطرفين أو كليهما.
أشار «منصور»، إلى أن قانون الإيجار القديم يمثل أولوية قصوى في جدول أعمال مجلس النواب، وذلك نظرا لتأثيره الكبير على حياة ملايين المواطنين، مؤكدا ضرورة وضع هذا الملف على رأس الأجندة التشريعية، بهدف إيجاد حلول عادلة ومستدامة لهذه القضية.
واقترح تجزئة قضية الإيجار القديم إلى عدة قضايا فرعية، لتسهيل عملية إيجاد الحلول، مشيرا إلى أن قانون الإيجار القديم رقم 10 لسنة 2022، الذي ينظم الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتباريين، يمثل خطوة أولى في هذا الاتجاه، حيث تم تطبيقه بنجاح منذ عامين.
واستند إيهاب منصور إلى إحصائيات رسمية لتوضيح حجم المشكلة، حيث كشف عن وجود نحو 3 ملايين وحدة سكنية خاضعة لقانون الإيجار القديم، مشيرا إلى أن هذا الرقم شهد انخفاضا ملحوظا، ليصل إلى حوالي 2.5 مليون وحدة، وذلك بسبب ارتفاع نسبة الشقق المغلقة التي تقدر بحوالي 50% من إجمالي الوحدات.
وشدد «منصور» على أن معالجة قضية الشقق المغلقة، تمثل مفتاحا لحل جزء كبير من أزمة الإيجار القديم، حيث يمكن من خلالها تخفيف الضغط على السوق العقاري، وزيادة المعروض من الوحدات السكنية، مؤكدا أهمية وجود إرادة سياسية قوية وتشريعات فعالة لتنفيذ الحلول المقترحة، بالإضافة إلى تضافر جهود جميع الأطراف المعنية.
وأوضح أن تحرير الوحدات السكنية المغلقة يمثل حلا واقعيا، خاصة أن المستأجرين المقيمين في هذه الوحدات، لا يتحملون أعباء مالية كبيرة نظرا لانخفاض قيمة الإيجارات، مؤكدا أن هذه الخطوة ستتيح للملاك استغلال ممتلكاتهم بشكل أفضل، ما يساهم في تحريك عجلة الاقتصاد، وتوفير المزيد من الوحدات السكنية في السوق.