الحياة متصلة بعمق أكبر مما نتصور، حيث يسير الزمن في دوائر مترابطة ومتتابعة. قد يشكك البعض في هذه الفكرة، لكن هناك العديد من الوقائع التي تؤكد بوضوح على الروابط القوية بين الأحداث، حتى وإن لم نكن نلاحظها، قد تبدو ورقة عمرها “18 سنة” للبعض غير مهمة، وكأن مكانها في سلال القمامة. لكن هذه الورقة المهترئة أنقذت حياة مريضة بطريقة ساخرة وغريبة.
بدأت القصة مع مريضة حيث قد قرر الأطباء إجراء جراحة قلب مفتوح لها لتغيير صمام. وقبل أن يتم تخديرها، قام الطبيب المسؤول عن التخدير بطرح بعض الأسئلة الروتينية للتأكد من حالتها الصحية، بما في ذلك مستوى ضغط الدم وسكر الدم، كانت إجابة المريضة على أسئلة الطبيب هي بداية قصة مثيرة وواقعة غير عادية. فقد أكدت المريضة أنها لا تعاني من مشاكل في الضغط أو السكر، لكنها استرجعت ما حدث خلال ولادتها القيصرية الأخيرة في عام 2000. في ذلك الوقت، تدخل طبيب التخدير ومنحها ورقة تتضمن تشخيص حالتها، موصيًا إياها بعرضها على أي طبيب تخدير في المستقبل إذا احتاجت لإجراء عملية جراحية لاحقًا.
“عزيزي الزميل، تعاني المريضة من نقص الكولينستريز الكاذب (Pseudocholinesterase deficiency)، كما ورد في الورقة التي كانت بحوزتها هذا المرض وراثي ولا تظهر له أعراض إلا عند تعرض المريض للتخدير، مما يجعل المصاب أكثر حساسية لأدوية التخدير، ويؤدي إلى ارتخاء العضلات لفترة أطول، مما يشكل تهديدًا لحياة المريض إذا لم يكن الطبيب على علم بحالته.
وفقًا لما ذكره الدكتور محمود النجارإن هذا المشهد يحمل طابعًا إنسانيًا عميقًا، حيث يظهر طبيبًا محترمًا يترك لزميله المستقبلي دليلاً يضيء له الطريق وينقذ حياة مريض. لكن الإعجاز الحقيقي يكمن في أن الورقة وقعت في يد نجل الطبيب الذي كتبها قبل 18 عامًا.
فقد كان الذي قرأ الورقة هو الدكتور محمد لطفي، طبيب التخدير، الذي كان صدفةً نجل الدكتور لطفي سالم، أخصائي التخدير وبطل القصة، والذي منح الورقة للمريضة منذ 18 عامًا.”