تُعتبر الحضارة المصرية القديمة واحدة من أعظم الحضارات التي شهدتها البشرية، حيث أبهرت العالم بمعالمها المعمارية الرائعة مثل الأهرامات وأبو الهول لكنّ الاكتشافات الأثرية الأخيرة كشفت عن جانب آخر مثير للاهتمام، وهو سجلات الحضور والانصراف للعمال في تلك الفترة، تعود إلى أكثر من 3500 عام.
نظام الحضور والانصراف
في عصر الملك رمسيس الثاني، أسس المصريون القدماء نظامًا مشابهًا لما هو متبع اليوم في الشركات والمؤسسات، حيث كانت هناك سجلات دقيقة لحضور وغياب العمال وقد اكتُشفت لوحة “الأوستراكا” في منطقة “دير المدينة”، وهي لوحة من الحجر الجيري محفوظة حاليًا في المتحف البريطاني.
تعود هذه اللوحة إلى العام الأربعين من حكم رمسيس الثاني، وتحتوي على سجل لحضور وتغيب العمال على مدار 280 يومًا، وهي الأيام المخصصة للعمل في مصر القديمة.
تفاصيل مثيرة للاهتمام
تشير هذه السجلات إلى دقة النظام في تنظيم العمل، والذي ساهم في بناء واحدة من أقدم الحضارات ووفقًا لمجدي شاكر، كبير الأثريين بوزارة السياحة والآثار، كان كاتب السجل يدون أسماء العمال، مع توضيح أسباب غيابهم.
ومن المفاجآت التي احتوتها “الأوستراكا”، أن بعض العمال تغيبوا لمساعدة زوجاتهم أثناء الدورة الشهرية، مما يعكس تقدير المجتمع المصري القديم لدور المرأة.
أعذار متنوعة للغياب
تضمن السجل أيضًا أعذارًا أخرى مثل الاحتفال بعيد ميلاد إحدى البنات، وحضور مراسم تحنيط الأخ كما تم تسجيل حالات غياب بسبب التعب والإرهاق، بل وأحد العمال عزا غيابه إلى “لدغة عقرب”، وهي حادثة شائعة في منطقة دير المدينة القريبة من وادي الملوك.
تُظهر هذه الاكتشافات مدى تنظيم الحياة العملية في مصر القديمة، مما يبرز دور المصريين القدماء في تحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية، ويفتح بابًا لفهم أعمق لعاداتهم وثقافتهم.