“ثورين” هو واحد من آخر أفراد إنسان النياندرتال الذين عاشوا على كوكب الأرض، وكان جزءا من سلالة غير معروفة سابقا ظلت معزولة لمدة 50 ألف عام كما يظهر تحليل جديد لحمضه النووي، وتم اكتشاف ثورين في عام 2015 عند مدخل ملجأ صخري داخل كهف ماندرين في وادي نهر الرون بجنوب فرنسا، وقد أطلق عليه لقب “آخر إنسان نياندرتال” لأنه يعتقد أنه عاش قبل 42 ألف عام، وذلك في الفترة التي اختفى فيها أقرب أقاربنا من البشر.
حتى الآن تركزت الحفرية على أسنانه وبعض أجزاء من جمجمته، في دراسة نشرها فريق من الباحثين برئاسة لودوفيك سليماك من مركز الأنثروبولوجيا وعلم الجينوم في تولوز فرنسا يوم الأربعاء (11 سبتمبر) في مجلة Cell Genomics، تم توضيح أن ثورين ينتمي إلى سلالة من إنسان نياندرتال الذين عاشوا في عزلة لآلاف السنين، رغم أن مجموعات أخرى كانت موجودة في المناطق المجاورة.
سليماك الذي اكتشف في الأصل بقايا ثورين، افترض قبل عشرين عاما أن إنسان نياندرتال في وادي الرون يختلف عن نظرائه في المناطق المجاورة، وذلك استنادا إلى الفروق التي لاحظها في الأدوات الحجرية الموجودة في كهف ماندرين، ويقترح أن ثورين وأقاربه لم يتبنوا أسلوب تصنيع الأدوات الجديد الذي وجد في مواقع أخرى معاصرة، وقال سليماك لموقع لايف ساينس: تبين أن ما اقترحته قبل 20 عاما كان تنبؤا صحيحا، لقد عاش سكان ثورين لمدة 50 ألف عام دون أن يتبادلوا جينا واحدا مع إنسان نياندرتال التقليدي.
استخدم سليماك وزملاؤه قطعة من جذر أحد أضراس ثورين لتحديد إذا كان هذا العينة ذكرا لإنشاء تسلسل كامل للجينوم بالمقارنة مع جينومات إنسان نياندرتال الأوروبي المتأخر التي تم نشرها سابقا، تبين أن ثورين يمتلك تماثلا وراثيا عاليا، حيث تشير المتغيرات الجينية المتطابقة غالبا إلى تزاوج داخلي حديث، كما لا يوجد أي دليل على حدوث تزاوج مع البشر المعاصرين.
كتب الباحثون في دراستهم: تشير نتائجنا إلى أن سكان ثورين كانوا في مجموعات صغيرة وعانوا من عزلة جينية طويلة الأمد عن سكان النياندرتال المتأخرين الآخرين، استنادا إلى البيانات الجينية المتاحة، ويطرح عزل هذه المجموعة من إنسان نياندرتال تساؤلات حول الفترة التي انقرض فيها هذا النوع وأسباب ذلك، وباستخدام تقنيات متنوعة مثل تأريخ الكربون المشع وتحليل الطبقات الجيولوجية في الكهف، اكتشف فريق البحث أن ثورين توفي منذ حوالي 52000 إلى 42000 سنة.
ومع ذلك تشير الأدلة التي تم اكتشافها حديثا في عام 2023، وفقا للدراسة إلى أن عمر ثورين من المحتمل أن يكون 42000 سنة، مما يجعله من آخر إنسان نياندرتال، قال سليماك: يجب علينا إعادة صياغة كل ما يتعلق بأكبر انقراض شهدته البشرية وفهم هذه العملية المدهشة التي ستؤدي إلى بقاء الإنسان العاقل كأحد الناجين الوحيدين من البشرية.
كيف نستطيع أن نتخيل مجموعات سكانية عاشت لمدة 50 ألف عام في عزلة على الرغم من أنها كانت تبعد فقط أسبوعين من المشي عن بعضها البعض، يجب أن نعيد النظر في جميع العمليات، أفادت أبريل نويل عالمة الآثار المتخصصة في العصر الحجري القديم بجامعة فيكتوريا في كندا، بأن هذا الاكتشاف يعد ذا أهمية كبيرة لفهم ما جرى خلال الأيام الأخيرة لإنسان النياندرتال على كوكب الأرض، بينما يعتقد عموما أن البشر كانوا السبب وراء انقراض إنسان نياندرتال، فإن العزلة الجينية والثقافية التي ظهرت في ملجأ صخرة جروت ماندرين تفتح مجالات جديدة من الأسئلة لاستكشاف تنظيمهم الاجتماعي والأخلاقي بشكل أعمق، والذي قد يكون قد ساهم بشكل كبير في انقراضهم لاحقا كما أشار الباحثون.