نطرح السؤالين بمناسبة اكتشاف البعثة الأثرية المشتركة بين فرنسا وإنجلترا، التي تتبع المعهد الفرنسي للآثار الشرقية وجامعة ليفربول، برئاسة يانيس جوردون ورولان انمارش. يتعلق الاكتشاف بطريقة نقل المصريين القدماء للكتل الحجرية من محاجر المرمر الواقعة شرق مدينة تل العمارنة في المنيا، خلال فترة حكم الملك خوفو. وقد استندت البعثة في دراساتها وأبحاثها إلى الكتابات والنقوش الأثرية التي تم اكتشافها في موقع المحاجر.
أفاد الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، بأن البعثة قد بدأت نشاطها في الموقع منذ عام 2012، وتمكنت من اكتشاف نظام فريد لنقل وسحب الكتل الحجرية من أسفل المحجر بعد إزالة الرديم الذي كان يغطيه.
في كتابه الهام “الأهرامات المصرية”، الذي درس أغلب خريجي كلية الآثار بجامعة القاهرة، يكشف الدكتور أحمد فخري، أستاذ تاريخ مصر الفرعونية بكلية الآداب، عن العديد من أسرار الأهرامات المصرية القديمة. وُلد الدكتور فخري عام 1906 وتخرج من قسم الآثار في كلية الآداب بجامعة القاهرة عام 1928، ثم أكمل دراسته العليا في بلجيكا وإنجلترا وألمانيا. بعد عودته من البعثة عام 1932، عمل في مصلحة الآثار المصرية وأجرى حفائر عديدة في مناطق أثرية مختلفة، أبرزها الواحات المصرية ومناطق الأهرامات. وقد نشر أحمد فخري تسعة عشر كتابًا باللغات الأجنبية وثمانية كتب باللغة العربية، تتناول تاريخ مصر وآثارها وآثار بلاد الشرق المختلفة. توفي عام 1973.
يقول العالم المصري الراحل أحمد فخري إن المصريين القدماء قاموا ببناء الهرم الأكبر بعد أن اكتسبوا خبرة في تشييد الأهرامات خلال فترة حكم الملك سنفرو، مؤسس الأسرة الرابعة. وهذا يعني أن هرم الجيزة الأكبر ليس الأقدم بين الأهرامات في مصر. وقد أتم المعماريون الذين قاموا ببنائه تدريبهم في أهرام الملك سنفرو، التي تقع على بعد أقل من ثلاثة وعشرين كيلومتراً من الموقع الذي اختاروه لبناء هرم الملك الجديد.
في الفصل الأول من كتابه المعنون “بناء الهرم وإدارته”، يشير أحمد فخري إلى أن هناك العديد من التحديات في دراسة موضوع الأهرامات، لكن التحدي الأكبر هو كيفية تشييدها، وهو ما يثير حيرة الكثيرين. وقد أبدى المؤرخ الشهير بليني دهشته من قدرة المصريين القدماء على رفع الأحجار إلى ارتفاعات شاهقة، ومن المحتمل أن كل من زار الهرم تساءل عن كيفية بنائه.
يكشف فخري في كتابه أن المصريين القدماء استخدموا أكثر من مليونين ونصف مليون كتلة حجرية في بناء الهرم، حيث يزن بعضها سبعة أطنان ونصف طن. ويشير إلى أنه حتى مع استخدام المعدات الميكانيكية الحديثة، يبقى من الصعب تشييد هذا البناء الضخم، مما يستدعي منا التفكير في الدوافع والطرق التي استخدمها المصريون القدماء لتحقيق هذا الإنجاز.