ثبتت السنة النبوية الوقت الذي نهى عن الدفن فيه، ولا يستحب دفن الميت، والصلاة عند طلوع الشمس، ولا عند قيامها في الظهيرة، ولا عند غروبها، عن عقبة رضي الله عنه قال: «ثلاث ساعات كان رسول الله ينهانا أن نصلي فيهن أو أن نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس، وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب» ويقصد بقائم الظهيرة: تلك الفترة القصيرة التي تسبق الظهر مباشرة.
لماذا نهى النبي عن الدفن ليلا؟
روي عن جابر -رضي الله عنه- «أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ خَطَبَ يَوْمًا، فَذَكَرَ رَجُلًا مِن أَصْحَابِهِ قُبِضَ، فَكُفِّنَ في كَفَنٍ غيرِ طَائِلٍ، وَقُبِرَ لَيْلًا، فَزَجَرَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ أَنْ يُقْبَرَ الرَّجُلُ باللَّيْلِ حتَّى يُصَلَّى عليه، إلَّا أَنْ يُضْطَرَّ إنْسَانٌ إلى ذلكَ، وَقالَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: إذَا كَفَّنَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ، فَلْيُحَسِّنْ كَفَنَهُ» (رواه مسلم)، والنهي في هذا الحديث محمول على كراهة التنزيه وليس على سبيل التحريم الذي يستحق الإثم على فاعله.
وقد فسر العلماء سبب نهى النبي عن الدفن ليلا بقولهم إنه في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- كانت آلات الإضاءة ليلا خافتة وليست كما هي الآن، مما قد يؤثر على إحسان الكفن للميت وعدد الحاضرين للصلاة على الجنازة والتابعين للجنازة حتى الدفن.
سبب النهي عن دفن الموتى ليلا؟
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب أصحابه يوماً فوعظهم في خطبته أن رجلاً من أصحابه قد مات وأنه كفن في كفن حقير أو غير كامل الستر، وأنه دفن وأدخل قبره ليلا، فزجر ونهى عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومنه أصحابه أن يكرروا مثل هذا التصرف في حق أخيهم المتوفى، وذلك لما له عليه من حقوق، بما في ذلك الدفن بالليل، بل يدفن الميت بالنهار حتى يصلي عليه من الناس أكثر مما يصلون عليه بالليل، أو حتى يصلي عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا سبب آخر لمن مات في عهده صلى الله عليه وسلم، ويقتضي أيضاً أنه إن رجي بتأخير الميت إلى الصباح صلاة من ترجى بركته عليه.
وأوضح لهم النبي صلى الله عليه وسلم أن الدفن بالليل يكون في حالات الضرورة مثل الخوف من فساد الجسد ونحوه، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم. قال: «إذا كفن أحدكم أخاه فليحسن كفنه»، وهو إرشاد وتعليم وأمر بإحسان التكفين للميت، وليس المراد بإحسانه السرف فيه والمغالاة ونفاسته، وإنما المراد نظافته ونقاؤه، وكثافته وستره، وكونه من جنس لباسه في الحياة غالبا لا أفخر منه ولا أحقر.
دفن الميت قبل المغرب
ومن جانبها، أكدت دار الإفتاء أن صلاة الجنازة و دفن الميت قبل المغرب جائز شرعًا، مؤكدة على أن يكره تعمد تأخير الدفن إلى ذلك الوقت، مشيرة إلى بن عقبة بن عامر الجهنى رضى الله عنه قال: “ثَلَاثُ سَاعَاتٍ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يَنْهَانَا أَنْ نُصَلِّى فِيهِنَّ، أَوْ أَنْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا: حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ بَازِغَةً حَتَّى تَرْتَفِعَ، وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ حَتَّى تَمِيلَ الشَّمْسُ، وَحِينَ تَضَيَّفُ -أى تميل- الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ حَتَّى تَغْرُبَ” رواه مسلم.
وعرضت قول الإمام النووى قال فى “شرح صحيح مسلم: “كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وسلم ينهانا أن نصلي فيهن أو أن نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا”، وقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ الْمُرَادَ بِالْقَبْرِ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ، وَهَذَا ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ لَا تُكْرَهُ فِى هَذَا الْوَقْتِ بِالْإِجْمَاعِ، فَلَا يَجُوزُ تَفْسِيرُ الْحَدِيثِ بِمَا يُخَالِفُ الْإِجْمَاعَ، بَلِ الصَّوَابُ أَنَّ مَعْنَاهُ تَعَمُّدُ تَأْخِيرِ الدَّفْنِ إِلَى هَذِهِ الْأَوْقَاتِ، ويُكْرَهُ تَعَمُّدُ تَأْخِيرِ الْعَصْرِ إِلَى اصْفِرَارِ الشَّمْسِ بِلَا عُذْرٍ، وَهِيَ صَلَاةُ الْمُنَافِقِينَ، فَأَمَّا إِذَا وَقَعَ الدَّفْنُ فِى هَذِهِ الْأَوْقَاتِ بِلَا تَعَمُّدٍ، فَلَا يُكْرَهُ”.