يتساءل الكثيرون حول جمع بعض الكلمات في اللغة العربية، ومن أشهر هذه الكلمات جمع “بؤبؤ”، إذ يتضمن المعجم العربي بعض المفردات النادرة من حيث التركيب الصوتي والصرفي، مما تطرح بعض هذه المفردات إشكالات في التعامل اللغوي السليم معها جمعاً أو تثنية أو إفراداً، و كلمة “بؤبؤ” تعد من تلك الألفاظ التي تثير تساؤلات بشأن جمعها، تركيبها الصوتي بمدى صعوبة الحسم في قابليتها للجمع أو اعتبارها لفظاً لا جمع له، وفي هذا المقال سنتعرف على جمع كلمة بؤبؤ.
هل يمكن جمع بؤبؤ؟
نظرًا لندرتها، فحسمت الأبحاث الدل حول سؤال جمع بؤبؤ، ويبدأ بعض المجتهدين من قياس كلمة بؤبؤ على لؤلؤ ليجيزوا جمعها على بآبئ، كما تُجمع كلمة لؤلؤ على لآلئ، إلا أن ذلك الاجتهاد المبني على القياس، لا يوجد له شواهد أو أمثلة من التراث اللغوي، بالإضافة إلى أن المعجميين القدماء لم يذكرو هذا الجمع في مصنفاتهم، علاوة على أن مجامع اللغة العربية في هذا العصر لم تقوم بتقديم أي فتوى أو اجتهاد لغوي عن جمع بؤبؤ، ومن أبرز الآراء التي تحفل بها المنتديات اللغوية، دون أن تكون لها الصفة العلمية الحاسمة ما يلي:
الرأي الأول في جمع بؤبؤ: جمع بؤبؤ على بآبئ قياسًا على لؤلؤ ولآلئ، وجؤجؤ وجآجئ، أو هدهد وهداهد، ويعتمد مؤيدو هذا الاقتراح على ما ورد في القاموس المحيط الذي رأى صاحبه أن البؤبؤ كالهدهد، وفي لسان العرب ذكر جمع هُدهُد بصيغة هَداهِد، إلا أن هذا الاجتهاد يتضمن معارضةً وهي كون كلمة لؤلؤ داخلة أصلًا في ما يعرف باسم الجمع، أي أنها ليست مفردًا، مع العلم بأن البعض يعتبرون لآلئ جمعًا لكلمة “لؤلؤة” وليس لآلئ، أما بؤبؤ فهي كلمة مفردة، وذلك يعني أنه لا يمكن قياس بؤبؤ على لؤلؤ.
الرأي الثاني في جمع بؤبؤ: يستخدم بعض الناس كلمة بَيَابِي جمعًا لكلمة بؤبؤ، إلا أن هذه الكلمة بدوره ليس لها أي شواهد أو أمثلة تراثية يمكن الاعتماد عليها لإثبات صحتها، كما أن وروده في بعض اللهجات والعاميات العربية مثل العامية العراقية، يخرجه من دائرة الجموع الفصيحة التي يمكن استخدامها لجمع لفظة بؤبؤ.
الرأي الثالث في جمع بؤبؤ: مع قلة الأمثلة والشواهد السّماعية من التراث الأدبي والمعجمي العربي، وعدم حسم مجامع اللغة العربية في صحة القياس على الأمثال الأخرى، مثل لآلئ وجآجئ، يعتبر البعض كلمة بؤبؤ تكون ضمن ما لا جمع له، وهي كلمات لا تستخدك إلا مفردة أو مثَنّاة مثل كلمة امرأة.
ويبدو أن هذه الفرضية الثالثة هي الأقوى من حيث الأدلة العلمية لعدم توفر شروط تحقيق الجمع حسب الاجتهادات الأولى، وذلك إلى أن تصدر مجامع اللغة العربية في حالة كلمة بؤبؤ، خاصة في ظل عدم وجود ما يتم تداوله من نسبة كلمة “بيابي” إلى القاموس الوسيط في اللغة العربية، مع العلم بأن المؤلف المذكور عنوانه “المعجم الوسيط” وما ذكر عن كلمة بؤبؤ لا يتجاوز شرح معناها، وتزداد فرضية عدم وجود جمع لهذه الكلمة عندما نتذكر أن البؤبؤ لا يوجد في الواقع إلا مثنى في عيون الإنسان.