شهدت واردات إسبانيا من الغاز الطبيعي انخفاضًا بنسبة 15% مؤخرًا وهو ما يسلط الضوء على تغيرات ملحوظة في استراتيجيات الطاقة الأوروبية بينما تسعى الدول الأوروبية لتقليل اعتمادها على الوقود الأحفوري الروسي وتحقيق التنوع في مصادر الطاقة، تواصل الجزائر الحفاظ على مركزها البارز كمورد رئيسي للغاز إلى إسبانيا وذلك في إطار تعزيز دورها كمحور استراتيجي للطاقة في البحر الأبيض المتوسط.
حقل مرغم الإماراتي
تعد دولة الإمارات العربية المتحدة واحدة من الدول الرائدة في مجال إنتاج النفط والغاز وخاصةً إمارة دبي التي استضافت منذ أكثر من أربعة عقود حقل مرغم الذي يعتبر أكبر اكتشاف بري للنفط والغاز في دبي، اكتشف الحقل في عام 1982 وتدفق إنتاجه في عام 1984 ليعزز مكانة الإمارات كمورد أساسي للموارد الهيدروكربونية في المنطقة.
تتواجد احتياطيات ضخمة من النفط الخام والغاز في هذا الحقل حيث تقدر المصادر غير الرسمية أن الحقل يحتوي على حوالي 4 مليارات برميل من النفط الخام عالي الجودة بالإضافة إلى 4.1 تريليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي، يعد حقل مرغم من أبرز الحقول التي تساهم في تعزيز إنتاج الإمارات من الغاز والنفط كما يمد دبي بما يصل إلى 4 ملايين متر مكعب من الغاز يوميًا وهو ما يعادل ضعف إنتاج الحقول البحرية في الإمارة.
استراتيجية الإمارات لتطوير الطاقة
تسعى الإمارات بشكل مستمر إلى تطوير جميع حقول النفط والغاز لديها وذلك في إطار استراتيجية طويلة الأمد لتعزيز إنتاجها من الموارد الهيدروكربونية، هذه الاستراتيجية تهدف إلى ضمان استدامة وتنوع المصادر الطاقية المحلية بالإضافة إلى تعزيز قدرتها على الوفاء باحتياجاتها الداخلية من الغاز مما يعزز أمن الطاقة في الدولة ويؤهلها للاستمرار كلاعب رئيسي في سوق الطاقة العالمي.
من خلال تطوير حقل مرغم استطاعت الإمارات أن تقطع خطوات كبيرة في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز حيث تم إنشاء منشآت متطورة لمعالجة الغاز والنفط بالإضافة إلى إنشاء شبكة أنابيب تنقل الغاز إلى مدينة دبي بشكل مباشر، هذا التطوير يعكس التزام الإمارات بإنتاج الطاقة بشكل مستدام وأيضًا تقديم نموذج رائد في استراتيجيات الحفاظ على البيئة.
حقل مرغم ودوره الاستراتيجي
يتم إدارة حقل مرغم بواسطة مؤسسة مرغم دبي، التي تأسست بموجب مرسوم حكومي في عام 2000 وتتمتع هذه المؤسسة بكامل الصلاحيات للإشراف على عمليات الحقل بشكل مستقل، تشرف الهيئة العامة على تطوير الحقل من خلال آبار إنتاج وحقن الغاز ما يساهم في تأمين إمدادات الغاز على المدى الطويل، بالإضافة إلى ذلك تقوم الدولة الإماراتية باستخدام الغاز في مشاريعها الكبرى مثل توليد الكهرباء وتحلية المياه مما يقلل من الاعتماد على الوقود التقليدي ويعزز الفوائد البيئية من خلال الحد من انبعاثات التلوث.
منذ عام 2008 أصبح حقل مرغم مرفقًا استراتيجيًا لتخزين الغاز ما ساعد على تقليص الاعتماد على الوقود النفطي لتوليد الكهرباء في دبي مما أدى إلى تقليل تلوث الهواء وتحسين جودة الحياة البيئية، هذه الخطوة تشير إلى قدرة الإمارات على الجمع بين التطور التكنولوجي والوعي البيئي مما يجعلها من الدول المبتكرة في إدارة مواردها الطاقية.
تطورات عالمية وتحديات الطاقة
في حين أن الإمارات تسعى إلى توسيع قدراتها الإنتاجية من الغاز والنفط لتلبية احتياجاتها الداخلية والدولية تتجه الأنظار أيضًا إلى تطورات سوق الغاز في أوروبا، انخفاض واردات إسبانيا من الغاز بنسبة 15% يواكب محاولاتها لتقليل اعتمادها على الغاز الروسي والبحث عن بدائل أخرى مثل الغاز الجزائري، الجزائر التي تعتبر واحدة من أبرز مصدري الغاز إلى أوروبا تستفيد من هذه التغيرات لتعزيز مكانتها كمورد رئيسي في هذه السوق المهمة.
تشير التقارير إلى أن الجزائر قد زادت من صادراتها إلى إسبانيا ما يعكس استراتيجيتها الفعالة لتوسيع حصتها في أسواق الطاقة الأوروبية، هذا التوسع يعتبر فرصة للدول المصدرة للغاز مثل الجزائر لزيادة نفوذها وتعزيز تعاونها مع الدول الأوروبية في مجالات الطاقة.