في الوقت الذي تتزايد فيه الحاجة العالمية إلى مصادر الطاقة المستدامة والموثوقة تأتي دولة الإمارات العربية المتحدة بمشروعاتها الرائدة لتعزيز إنتاجها من الغاز الطبيعي والنفط لتكون في طليعة الدول المنتجة للطاقة في العالم، أحد هذه المشاريع البارزة هو حقل دلما للغاز الذي يعد من أهم المشاريع المستقبلية للإمارات في قطاع الغاز ويشكل خطوة رئيسية نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي من الطاقة مع التركيز على الإنتاج المستدام والتطوير التكنولوجي.
نظرة على حقل دلما للغاز
تم اكتشاف حقل دلما للغاز لأول مرة في عام 1985 لكنه لم يشهد إطلاقاً فعلياً للإنتاج إلا في عام 2019زعندما اتخذت شركة أدنوك، التابعة لحكومة أبوظبي قرار الاستثمار النهائي لتطويره، يقع الحقل ضمن امتياز “غشا” في المياه الضحلة قبالة سواحل دولة الإمارات على بعد حوالي 190 كيلومترًا من العاصمة أبوظبي، ورغم أن المشروع ما يزال في مرحلة الإنشاء إلا أن الإمارات تترقب أن يبدأ الإنتاج التجاري منه في عام 2025 ليكون إضافة قوية لإنتاج الدولة من الغاز الطبيعي.
يتعاون في تطوير هذا المشروع العملاق العديد من الشركات العالمية المتخصصة في قطاع الطاقة مثل إيني الإيطالية وينترشال الألمانية لوك أويل الروسية وأو إم في النمساوية، هذه الشركات تشارك شركة أدنوك في تطوير الحقل وتعزيز قدراته الإنتاجية.
أهمية حقل دلما في تعزيز الأمن الطاقي للإمارات
تسعى الإمارات من خلال تطوير حقل دلما للغاز إلى تحقيق هدفين رئيسيين، الأول هو تعزيز إنتاج الغاز الطبيعي بشكل كبير والآخر هو تقليل الاعتماد على الواردات الخارجية، على المدى الطويل تهدف الإمارات إلى أن يصل إنتاج الحقل إلى 390 مليون قدم مكعبة يومياً في المرحلة الأولى مع إمكانية زيادة هذه القدرة إلى أكثر من 1.5 مليار قدم مكعبة يومياً بعد اكتمال جميع مراحل المشروع.
ما يميز حقل دلما هو أنه جزء من استراتيجية الإمارات الأوسع لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي وهو ما يساهم في تقليل الاعتماد على الواردات لتلبية احتياجات السوق المحلي، يعتبر الغاز الطبيعي من المصادر الأساسية للطاقة في الإمارات حيث يتم استخدامه لتوليد الكهرباء وتحلية المياه إضافة إلى استخدامه في الصناعات المختلفة، وبالتالي فإن زيادة الإنتاج المحلي من الغاز سوف يكون له تأثير مباشر على استقرار السوق وتخفيف الضغوط على الاقتصاد الوطني.
التطورات التقنية في تطوير حقل دلما
يتميز مشروع حقل دلما بالتطورات التكنولوجية الكبيرة التي تشهده عمليات تطويره، فإضافة إلى استخدام الجزر الاصطناعية لحماية الحياة البحرية وتقليل الأثر البيئي يعتمد المشروع على تقنيات متقدمة مثل المسح البيئي البحري الذي يعتبر من بين أكبر الدراسات من نوعها في الإمارات، ويهدف هذا النظام إلى ضمان أن عمليات الاستخراج لن تؤثر بشكل سلبي على البيئة البحرية المحيطة.
كما أن البنية التحتية للمشروع تتضمن تركيب 4 أبراج بحرية لآبار الغاز إلى جانب خطوط الأنابيب والكهرباء اللازمة لضمان عملية استخراج الغاز بأعلى كفاءة وأقل تكاليف يتم معالجة الغاز المنتج في منشآت خاصة في جزيرة أرزنة حيث يتم تجفيف الغاز وضغطه قبل نقله إلى مرافق معالجة أخرى في منطقة حبشان في أبوظبي.
التوقعات الاقتصادية والبيئية لمشروع حقل دلما
يتوقع أن يصل حقل دلما إلى ذروة إنتاجه في عام 2034 في حين تشير بعض الدراسات إلى أن الحقل سوف يظل قادرًا على إنتاج الغاز حتى عام 2045،هذا يعد إنجازًا كبيرًا، ليس فقط من حيث العوائد الاقتصادية التي سوفوتحققها الإمارات ولكن أيضًا من حيث توفير الغاز الطبيعي الذي يساهم في استدامة استهلاك الطاقة على المدى الطويل.