دخلت أسعار الذهب مرحلة ارتفاع جديدة بعد تسجيلها مستويات قياسية خلال الآونة الأخيرة، ويتوقع محللون صعود المعدن الأصفر لمجموعة من العوامل، وقد يصل إلى 2800 دولار للأوقية خلال الثلاثة أشهر المقبلة، ويتزامن ذلك مع إقبال المستثمرين على الذهب كملاذ آمن وتراجع الثقة في العملات التقليدية.
بنك أمريكا: سعر الذهب قريب من حاجز 3000 دولار للأوقية خلال الأشهر الستة المقبلة
وقال مايكل ويدمر، استراتيجي السلع في بنك أمريكا، إن «أسعار الذهب تبدو أفضل الآن من أي وقت مضى»، مشيرا إلى أن سعر الذهب قد يتجاوز 2800 دولار للأوقية خلال الأشهر الثلاثة المقبلة.
ويعتقد الخبير الأمريكي «أننا قريبون من حاجز 3000 دولار».
ما الذي يدفع أسعار الذهب للارتفاع؟
كتب بول وونج، استراتيجي السوق في شركة «سبروت» الأمريكية لإدارة الأصول، في مذكرة له: «دخل الذهب مرحلة ارتفاع جديدة مدفوعة بعوامل بعدة عوامل مثل مشتريات البنوك المركزية، وارتفاع الدين الأمريكي».
جاء التصريح بعد أن ارتفع سعر الذهب إلى مستوى قياسي جديد بلغ 2700 دولار للأوقية يوم الاثنين الماضي.
وأضاف وونج أن الذهب في المعاملات الفورية يجري تداوله حاليًا عند 2758 دولارًا للأوقية، بينما سجلت العقود الآجلة 2772 دولارًا للأوقية.
الدين الأمريكي من أسباب ارتفاع أسعار الذهب
كما فسر توقعاته بأن زيادة الدين الأمريكي أدت إلى ارتفاع أسعار الذهب، هذه الزيادة في الدين تترافق مع مخاوف بشأن استدامته، بالإضافة إلى تأثيرات سلبية محتملة على قيمة العملة.
ووفقًا لمكتب الميزانية في الكونغرس الأمريكي، من المتوقع أن يرتفع الدين العام من 98% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023 إلى 181% بحلول عام 2053، وهو أعلى مستوى في تاريخ البلاد.
هل هناك علاقة بين قيمة العملة وسعر الذهب؟
مع زيادة الدين، قد تلجأ الحكومات إلى طباعة المزيد من الأموال لسد العجز، ما يؤدي إلى تدهور قيمة العملة، وهذه الظروف تعزز من جاذبية الذهب كوسيلة موثوقة للحفاظ على القيمة.
علاوة على ذلك، يشير «وونغ» إلى أن الضغوط التضخمية المستمرة والظروف الاقتصادية الصعبة تدفع البنوك المركزية والمستثمرين نحو الاستثمار في المعادن الثمينة.
كما أظهرت البيانات أن مشتريات البنوك المركزية للذهب في النصف الأول من عام 2024 بلغت 483 طنًا، بزيادة قدرها 5% عن الرقم القياسي المسجل في نفس الفترة من العام السابق، ما يبرز الاهتمام المتزايد بالذهب كملاذ آمن.
محمد العريان: ارتفاع أسعار الذهب ليس مجرد ظاهرة اقتصادية تقليدية
الدكتور محمد العريان، الخبير الاقتصادي العالمي ورئيس كلية كوينز بجامعة كامبريدج، يرى أن الارتفاع الحالي في أسعار الذهب يتجاوز كونه مجرد ظاهرة اقتصادية تقليدية.
وفسّر: «الصعود يحمل في طياته تأثيرات جيوسياسية عميقة ويشير إلى تحول أوسع نطاقًا».
وفي مقال له بعنوان «لماذا يجب على الغرب أن يولي اهتمامًا أكبر لارتفاع أسعار الذهب؟»، نشره في «فاينانشيال تايمز»، ناقش العريان كيف يعكس هذا الارتفاع تزايد البحث عن بدائل للنظام المالي القائم.
وأشار إلى أنه يمكن أن يمثل بداية تفتيت النظام المالي العالمي القائم وتآكل قوة الدولار، الذي لطالما كان العملة الرئيسية في التجارة الدولية.
العريان: 3 أسباب وراء ارتفاع سعر الذهب
في رأي العريان، فإن عمليات الشراء المستمرة من قبل البنوك المركزية الأجنبية دافع رئيسي لقوة الذهب، إذ تسعى العديد من الدول لتنويع احتياطياتها بعيدًا عن هيمنة الدولار.
وأضاف العريان أن فقدان الثقة في النظام الأمريكي على رأس أسباب زيادة الأسعار.
ولفت الخبير الاقتصادي العالمي إلى انعكاس الصراعات في الشرق الأوسط على سعر المعدن الأصفر، وكذلك تآكل الثقة العملات التقليدية.
وختم العريان أن هذه الديناميكيات يمكن أن تؤدي إلى تغيرات في كيفية تعامل الدول مع الدولار والنظام المالي الدولي وإقبالهم على المعادن النفيسة.
نقلا عن جريدة العقارية