في حدث مقلق ومفاجئ، قامت السلطات الألمانية بإجلاء نحو 6,000 شخص من منطقة كولونيا وذلك بعد اكتشاف قنبلة ضخمة تعود إلى الحرب العالمية الثانية مدفونة تحت الأرض لأكثر من 70 عامًا، هذا الاكتشاف لم يكن الأول من نوعه بل يسلط الضوء على الواقع المرير الذي تعيشه ألمانيا بعد أكثر من سبعة عقود من نهاية الحرب، لا تزال آثار تلك الحقبة السوداء تظهر بين الحين والآخر مهددة حياة المدنيين وتثير المخاوف بشأن سلامة الأماكن السكنية والمرافق العامة.
تفاصيل الاكتشاف وما يعنيه لألمانيا
في 14 أكتوبر 2024 وبينما كانت عمليات بناء تجري في أحد مستشفيات مدينة كولونيا عثر العاملون على قنبلة ضخمة تزن نحو طن واحد وهي قنبلة أمريكية الصنع من نوع قديم، من المرجح أن تكون هذه القنبلة قد سقطت أثناء القصف المكثف الذي تعرضت له المدينة خلال الحرب العالمية الثانية وتم دفنها دون أن تنفجر، ورغم مرور أكثر من 75 عامًا على تلك الحادثة فإن المواد المتفجرة داخل القنبلة لا تزال قادرة على إحداث دمار هائل وهو ما جعل السلطات الألمانية تتخذ قرارًا سريعًا بإجلاء الآلاف من السكان.
الأمر الذي يزيد من خطورة هذا الاكتشاف هو موقع القنبلة، فقد تم العثور عليها بالقرب من ثلاث عيادات في مستشفى مهرهايم وهو ما دفع السلطات إلى إخلاء المرضى بشكل عاجل لا سيما أولئك الذين في العناية المركزة، تمثل هذه الحادثة تحديًا كبيرًا إذ تتطلب نقل المرضى من أماكنهم بأمان دون تعريض حياتهم للخطر، بالإضافة إلى المرضى تم إخلاء السكان الذين يقيمون في نطاق 500 متر حول موقع القنبلة ما يبرز حجم التأثير الذي خلفته هذه القنبلة على المدينة.
التحديات التي واجهتها السلطات
كانت عملية الإجلاء من أهم وأكبر التحديات التي واجهتها السلطات الألمانية، فقد كان من الضروري التنسيق بين الفرق الطبية والسلطات المحلية لضمان نقل المرضى بأمان، في بعض الحالات كان الوضع الصحي للمرضى يتطلب رعاية دقيقة وحساسة وهو ما جعل عملية النقل خطيرة في بعض الأحيان، يتعين على الفرق الطبية أن تكون مدربة تدريبًا عاليًا للتعامل مع مثل هذه الظروف التي تتطلب سرعة استجابة في حالات الطوارئ.
أما بالنسبة للسكان المدنيين فقد كان إخلاء المنطقة محاطًا بتحديات كبيرة، تعاني كولونيا من كثافة سكانية مرتفعة ما جعل نقل الناس في هذه الظروف مسألة معقدة، كان الضغط كبيرًا على السلطات لضمان عدم وقوع أي إصابات أو حوادث أثناء عملية الإخلاء، كما أن المخاوف من وجود قنابل أخرى مدفونة في المناطق المحيطة قد فرضت على الفرق المتخصصة ضرورة القيام بعمليات بحث وفحص إضافية وهو ما يسلط الضوء على حقيقة مرعبة: هناك الكثير من هذه القنابل التي لم تكتشف بعد.
قنابل غير منفجرة تهدد ألمانيا حتى اليوم
قد يظن البعض أن الحرب العالمية الثانية قد انتهت منذ عقود طويلة وأن آثارها قد زالت ولكن الواقع في ألمانيا يظهر أن هذه الحروب خلفت العديد من الآثار المدمرة التي ما زالت تُشكل تهديدًا كبيرًا للمدن الألمانية، ألمانيا كانت من أكثر الدول التي تعرضت للقصف الجوي خلال الحرب حيث تعرضت العديد من مدنها الكبرى مثل برلين وكولونيا ودوسلدورف لهجمات شديدة من قوات الحلفاء، هذا القصف أسفر عن آلاف القنابل غير المنفجرة التي لم يتم اكتشافها أو إبطال مفعولها حتى اليوم