في قلب الصحراء التونسية وتحديدًا في جنوب شرق البلاد تقع مدينة مطماطة التي تعتبر من أعظم وأغرب الوجهات السياحية في تونس، ما يميز هذه المدينة هو أنها ليست مدينة تقليدية كما نعرفها بل هي مدينة تحت الأرض تعيش فيها قبائل أمازيغية تقليدية في منازل محفورة في الصخور الرملية، تقدم هذه المدينة مثالاً رائعًا على كيفية التكيف مع الظروف البيئية القاسية وفي نفس الوقت تحافظ على ثقافتها الغنية وتاريخها الممتد لآلاف السنين.
تاريخ مطماطة وحضارتها العريقة
مدينة مطماطة تقع في منطقة جبلية ضمن ولاية قابس التونسية وقد سكنها الأمازيغ منذ العصور القديمة، هؤلاء السكان الأصليون لشمال إفريقيا المعروفون بقدرتهم على التكيف مع البيئة الصحراوية الصعبة اختاروا هذه المنطقة لبناء منازلهم، مدينة مطماطة كانت بمثابة ملاذ آمن لهم ضد القبائل الأخرى التي كانت تشكل تهديدًا مستمرًا في تلك الفترة.
تاريخ المدينة يرتبط ارتباطًا وثيقًا بمفهوم الحماية، ففي فترات من التاريخ كان من المهم للأمازيغ أن يعيشوا في مكان يصعب الوصول إليه أو رؤيته، فبناء المنازل تحت الأرض ساعدهم على الاختفاء وحماية أنفسهم من أي تهديدات محتملة سواء كانت من هجمات عسكرية أو من تحديات الطبيعة.
الهندسة المعمارية الفريدة لمطماطة
ما يميز مدينة مطماطة ليس فقط موقعها الجغرافي بل أيضًا الهندسة المعمارية الفريدة التي تميز كل منزل في هذه المدينة، بيوت مطماطة لم تبنى بالطوب أو الأسمنت بل حفرت مباشرة في الصخور الرملية، هذه المنازل المحفورة ليست مجرد مأوى بل تمثل تحفة فنية ومثالاً على الهندسة المعمارية التي تتكيف مع الظروف المناخية القاسية.
في هذه المنازل يظل الجو معتدلًا على مدار السنة ففي الصيف تحافظ الأرض على برودة المنازل بفضل العمق الكبير تحت سطح الأرض بينما في الشتاء. يبقى المنزل دافئًا بفضل العزل الطبيعي للصخور، بهذه الطريقة تمكن سكان مطماطة من العيش براحة نسبية دون الحاجة إلى استخدام تقنيات التبريد أو التدفئة الحديثة.
المنزل التقليدي في مطماطة يتكون من غرف دائرية حيث يحتوي على ساحة رئيسية مزينة بالرسوم التقليدية والألوان الطينية وتؤدي إلى غرف أخرى تحتوي على مساحات لتخزين المؤن أو للنوم، يضاف إلى ذلك العديد من الكهوف المحفورة حول المنازل التي كانت تستخدم لتخزين الطعام أو كغرف إضافية للراحة، هذه الكهوف لا تقتصر على استخدامها كمسكن بل كانت وسيلة لتوسيع المساحات في بيئة جغرافية صعبة.
الحياة اليومية في مدينة مطماطة
في مدينة مطماطة يعيش السكان حياة بسيطة ومبنية على الاستدامة والاعتماد على الموارد الطبيعية، طريقة النقل في المدينة تعد من أبرز جوانب حياتهم اليومية، فعلى الرغم من أن المدينة تقع في منطقة جبلية وصحراوية إلا أن السكان يتنقلون عبر سلالم مغطاة وممرات تحت الأرض مما يتيح لهم التنقل بسهولة بين المنازل والبلدة بأكملها، يمكن وصف هذه الممرات بأنها بمثابة طرق سرية تربط العائلات ببعضها البعض حيث تستخدم للتنقل بين المنازل بشكل خفي وآمن.
وبعيدًا عن التحديات الطبيعية فإن الحياة في مطماطة تظل على ارتباط وثيق بالثقافة المحلية، فالسكان يحافظون على تقنيات الزراعة التقليدية ويعتمدون على محاصيل محددة مثل التمر والزيتون والفاكهة التي تزرع في الأراضي المحيطة، تلك الأنشطة الزراعية البسيطة توفر لهم الغذاء وتساعدهم على الحفاظ على أسلوب حياتهم التقليدي.