تعيش مصر في مرحلة حرجة من حيث التحديات الاقتصادية ولكنها تواصل جهودها الرامية إلى تحسين الوضع الاقتصادي من خلال استكشاف واكتشاف موارد جديدة حيث أصبحت الاكتشافات في مجال الطاقة أحد أركان هذه التحولات. في الآونة الأخيرة أُعلن عن اكتشاف حقل غاز جديد في منطقة البحر الأبيض المتوسط وتحديدًا في منطقة أبو قير وهو الاكتشاف الذي يضع مصر في مصاف الدول الكبرى المنتجة للطاقة ويؤذن ببداية مرحلة جديدة قد تغير مستقبل الاقتصاد المصري بشكل جذري، هذا الحقل يفتح الباب أمام إمكانيات هائلة لمصر من حيث الاكتفاء الذاتي من الطاقة وتعزيز مكانتها الاقتصادية على مستوى العالم خاصة في مجال تصدير الغاز.
الاكتشاف الضخم في منطقة أبو قير
يعد اكتشاف حقل الغاز في منطقة أبو قير أحد أكبر الاكتشافات في تاريخ مصر حيث من المتوقع أن ينتج مليارات البراميل من الغاز يوميًا، يشير تقرير رسمي إلى أن بئر الاستكشاف “NAQBI EAST” الذي يقع في هذه المنطقة أظهر وجود طبقتين غنيتين بالغاز والنفط ما يعزز فرص مصر في الوصول إلى مستويات إنتاج ضخمة، هذا الاكتشاف ليس مجرد خطوة نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز بل يمثل حجر الزاوية لتحقيق قفزة كبيرة في تصدير الطاقة خصوصًا إلى أسواق أوروبا وآسيا.
وقد أظهرت الدراسات أن منطقة أبو قير تضم العديد من الحقول البحرية الغنية بالموارد الطبيعية حيث تم بالفعل حفر أربعة آبار جديدة في هذه المنطقة وربطها بالبنية التحتية البحرية ما ساعد على زيادة الإنتاج الحالي إلى 65 مليون قدم مكعب من الغاز يوميًا إلى جانب 1250 برميلًا من المكثفات، هذه الأرقام تشير إلى أن مصر على أعتاب حقبة جديدة من الإنتاج المتميز في قطاع الطاقة ما يوفر لها قاعدة قوية لتحقيق الأمن الطاقوي وتحسين اقتصادها بشكل ملحوظ.
أهمية الاكتشاف على مستوى الإنتاج المحلي
منذ فترة طويلة كانت مصر تعاني من عجز في إنتاج الطاقة لتلبية احتياجاتها المحلية خصوصًا مع زيادة الاستهلاك الداخلي المتسارع، لكن الاكتشافات الجديدة مثل حقل أبو قير سوف تساعد في خفض الاعتماد على واردات الغاز مما سوف يسهم بشكل كبير في تحسين الميزان التجاري للبلاد، تشير الإحصاءات إلى أن مصر في عام 2022/2023 أنتجت ما يقارب 1.73 مليون برميل مكافئ من النفط والغاز يوميًا وصدرت كمية كبيرة من الغاز الطبيعي بلغت قيمتها 2.5 مليار دولار.
هذا التوسع في الإنتاج المحلي لا يمنح مصر فقط قدرة على تلبية احتياجاتها المحلية من الغاز، بل يفتح أمامها أبواب الأسواق العالمية، مع زيادة الطاقة الإنتاجية سوف تكون مصر قادرة على تصدير كميات أكبر من الغاز الطبيعي ما يساهم في تحسين وضعها الاقتصادي وزيادة مواردها المالية.
الاستثمار والتكنولوجيا في قطاع الطاقة
من العوامل الأساسية التي ساهمت في تحقيق هذه الاكتشافات هو الاستثمارات الأجنبية الكبيرة في قطاع الطاقة، منذ عام 2014 استقطبت مصر استثمارات بقيمة تريليون و455 مليون جنيه مما ساعد في تطوير البنية التحتية ورفع كفاءة عمليات الحفر والاستخراج، هذا النوع من الاستثمارات جاء نتيجة للثقة التي اكتسبتها مصر في قدرتها على إدارة مواردها الطبيعية وتحقيق استفادة اقتصادية طويلة المدى منها.