يعتبر مشروع توشكى، الذي أعاد إحياءه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أحد أهم المشروعات القومية التي يشهدها البلد، بالنظر إلى حجم المردودات والعوائد الاقتصادية المنتظرة منه، سواء فيما يتعلق بتحقيق الأمن الغذائي للمصريين، وكذلك زيادة الصادرات، وسط طفرة زراعية هائلة يشهدها جنوب مصر.
ويقام مشروع توشكى، الذي انطلق في التسعينيات، وواجهته حينها جملة من العقبات التي حالت دون استكماله، في منطقة مفيض توشكى، ويهدف إلى خلق دلتا جديدة جنوب الصحراء الغربية موازية للنيل، للمساهمة في إضافة مساحة تصل إلى 540 ألف فدان للرقعة الزراعية، ليتم ريها بمياه النيل عبر ترعة الشيخ زايد التي تبلغ حصتها من المياه حوالي 5.5 مليار متر مكعب سنوياً.
لماذا تم تسمية المشروع بإسم (توشكي)
وتوشكى اسم مكون من مقطعين في اللهجة النوبية، المقطع الأول (توش)، وهو اسم لنوع من الأزهار الطبية العطرية وهو نبات الغبيرة الذي كان ينمو بغزارة في وادي توشكى، والمقطع الثاني (كى) ومعناها الموطن أو المكان، ومن ثم تعني (توشكى) موطن نبات الغبيرة.
يهدف المشروع إلى التغلب على الفجوة الغذائية، وذلك بزيادة الرقعة الزراعية بحوالي 540 ألف فدان لتصل في المســتقبل إلى مليون فدان، وكذلك تعظيم عائد الموارد المتاحة، وزيادة الصادرات الزراعية، بما يسـاعد في تقليل العجز في الميزان التجاري، إضافة إلى توفير فرص عمل للكثير من الشباب وخاصة من شباب صعيد مصر.
كما يهدف إلى التشجيع على إعمار وإسكان وتنمية هذه المناطق وتخفيف الضغط البشري على وادي ودلتا النيل.
أرباح اقتصادية ضخمه
وعن العوائد الاقتصادية المنتظرة من مشروع توشكى، يقول رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية، الدكتور رشاد عبده، في تصريحات خاصة لموقع “سكاي نيوز عربية”، إنه لاستيعاب فائض مياه الفيضان خلف السد العالي أقيم مفيض توشكى، الذي ساعد على وجود مشروع توشكى الزراعي، وهو المشروع الذي يتمتع بمزايا اقتصادية هائلة لما يتيحه من فرص تنموية واسعة بالقطاع الزراعي في مصر، تنعكس بشكل مباشر على الاقتصاد المصري.
ويشير إلى أن المشروع يتيح أراض جديدة لم تسبق زراعتها من قبل، وبالتالي يمكن زراعة زراعات جديدة صديقة للبيئة، ليس بها أي نوع من المبيدات، والتي يتم تصديرها إلى الخارج بأسعار عالية.
كما يمثل المشروع فرصة لمصر من أجل التوسع في تلك الزراعات، فضلاً عن زراعات أخرى تسهم في حل مشكلة الأمن الغذائي، لا سيما أنه في السنوات الماضية، وبشكل خاص بعد يناير 2011، جار الكثيرون على الأراضي الزراعية، وفيما تواصلت الزيادة السكانية وكانت رقعة الأراضي القابلة للزراعة تقل، الأمر الذي أسهم في ارتفاع معدلات الاستيراد من الخارج.
ويشير إلى أن ما يحدث الآن من مشروعات يمثل عملية “إعادة التوازن” من جديد، وبما يحقق الأمن الغذائي لمصر، وكذلك زيادة الصادرات المصرية، بما يدر العملة الصعبة، وبما يعزز الاحتياطي النقدي من العملة الأجنبية بالبنك المركزي.
الإرادة السياسية
إلى ذلك، يلفت استاذ الاقتصاد الزراعي بالقاهرة، الدكتور جمال صيام، إلى أن مشروع توشكى بدأ في العام 1997 (إبان عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك)، لكنه تعثّر لأسباب عديدة مختلفة، ذلك أن الأمر يتوقف على الإرادة السياسية لإنجاز المشروع، موضحاً أن الإرادة السياسية توافرت في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي أعاد إحياء المشروع، على مساحة تبلغ 540 ألف فدان قابلة للزيادة.
كان من بين أبرز العقبات التي كانت تعيق المشروع هو جبل الغرانيت هناك، ذلك أن وصول المياه كان يحتاج إلى اختراق الجبل البالغ عرضه 20 مترا وطوله تسعة كيلومترات.
ويشير صيام، في تصريحات خاصة لموقع “سكاي نيوز عربية”، إلى أن هذه المساحة التي يشغلها المشروع (540 ألف فدان قابلة للزيادة) يُمكنها أن تسهم بشكل كبير ومؤثر في مسألة الأمن الغذائي، وفي ظل توافر مصادر المياه الملائمة للمشروع عبر المفيض، موضحاً أن المشروع في مجمله يحقق أربعة أهداف أساسية؛ وهي (الأمن الغذائي، إضافة إلى زيادة صادرات مصر من السلع الزراعية، فضلاً عن توفير فرص عمل، وكذلك التصنيع لتعزيز القيمة المضافة”