تختلف أذواق الأفراد في تفضيل طعام على آخر، حيث أن بعضهم يفضل تناول أصناف من المأكولات بشكل كبير، مع كراهية تناول أصناف أخرى، وهنا تساءل بعضهم عن الأسباب وراء هذا الأمر. فالعلم يفسر لماذا ننجذب إلى نكهة معينة على حساب أخرى؟ ويتكرر هذا المشهد كل يوم في جميع أنحاء العالم. بعض الناس يدافعون بشراسة عن أذواقهم الشخصية، لكن الكثيرين يفضلون توسيع ذوقهم.
السبب وراء تمييز الأطعمة
وبحسب خبراء التغذية، فإن حاسة الذوق هي إحدى حواس الإنسان المسؤولة عن تمييز خصائص الأطعمة التي يتناولها، وأقرب حاسة إلى الذوق وأكثرها ارتباطاً بها هي حاسة الشم، وهاتان الحاستان تساعدان على التمييز بين المذاقات المختلفة للمأكولات والمشروبات.
وأوضحوا، أن أسباب تفضيل أطعمة عن أخرى، تعود إلى مذاق الطعام وتجانس مكوناته، حيث تنتشر على اللسان حُليمات تذوق تختلف عن بعضها بعضاً شكلاً وحجماً، وتحتوى على خلايا حسية، تميز بين الحلو والحامض والمالح والمر، تنقلها النبضات العصبية على شكل رسائل إلى القشرة المخية، كما أن أنزيم «أميليز» الموجود في اللعاب، والذي يحول المواد النشوية إلى سوائل، يمكن أن يلعب دوراً رئيسياً في تحديد سحر بعض المأكولات ولذتها، أيضا فإن الغدد اللعابية لكل شخص تفرز كميات مختلفة ومتباينة من أنزيم «أميليز»، إذ كلما زادت كمية هذا الأنزيم في الفم، زادت قدرة الشخص على تسييل المواد النشوية للأطعمة التي يتناولها.
لماذا لا يحب الكثير منا الكوسة والقرنبيط؟
هناك العديد من العوامل التي تؤثر على تفضيلات الطعام، بما في ذلك العمر والوراثة والبيئة. كل منا يعيش في عالمه الحسي الخاص ولن يمر أي شخصين بنفس التجربة أثناء تناول الطعام.
وتتغير تفضيلات الطعام أيضًا مع تقدم العمر. وجدت الأبحاث أن الأطفال الصغار لديهم تفضيل طبيعي للمذاقات الحلوة والمالحة ويكرهون المذاقات المرة. مع تقدمهم في السن، تنمو قدرتهم على حب الأطعمة المرة.
تظهر الأدلة الناشئة أن البكتيريا الموجودة في اللعاب يمكن أن تنتج أيضًا إنزيمات تؤثر على مذاق الأطعمة، فعلى سبيل المثال، ثبت أن اللعاب يسبب إطلاق روائح الكبريت في القرنبيط، كلما زاد إنتاج الكبريت، قل احتمال استمتاع الطفل بطعم القرنبيط.
علم الوراثة والبيئة والتفضيلات الغذائية
بالإضافة إلى ما سبق، أيضا يلعب كل من علم الوراثة والبيئة دورًا حاسمًا في تحديد التفضيلات الغذائية. حيث أثبتت دراسات أن علم الوراثة له تأثير معتدل على تفضيلات الطعام (بين 32 بالمائة و54 بالمائة، اعتمادًا على نوع الطعام) لدى الأطفال والمراهقين والبالغين.
وحسب الخبراء إن الإنسان يرث جينات متغيرة خاصة بالتذوق، حيث يرث جميع البشر جين التذوق TAS2R38، كما أنه يوجد نوعان مختلفان من هذا الجين، وهما «AVI» و«PAV»، فالأشخاص الذين يمتلكون الجين المتغير منه، والذي يطلق عليه اسم «AVI» ليست لديهم حساسية من المذاق المر لبعض المواد الكيميائية الموجودة بالأطعمة، أما من يملكون النوع الثاني من الجينات «PAV» فهم من يجدون الأطعمة مرة بدرجة كبيرة، حيث يؤثر هذا الجين على خلايا التذوق باللسان، ويؤدي إلى الشعور بطعم المرارة لدى أصناف معينة من الطعام، وهو ما يفسر سبب نفور بعضهم من أطعمة أخرى بعينها، خاصة الفواكه والخضار.