في اكتشاف قد يغيّر موازين القوى في سوق الطاقة العالمي ويعيد تشكيل خريطة النفط الدولية أعلنت إحدى الدول العربية عن اكتشاف مذهل لبئر نفطي جديد قادر على إنتاج 1.2 مليون برميل يوميًا وهذا الاكتشاف يُعد بمثابة “معجزة ربانية” ويمثل تحولًا غير مسبوق في مسار هذه الدولة التي ستصبح لاعبًا رئيسيًا على الساحة النفطية مما قد يثير قلقًا كبيرًا لدى القوى الكبرى وخصوصًا الولايات المتحدة والسعودية اللتين طالما احتفظتا بنفوذ كبير في أسواق الطاقة.
موقع حقل خريص وأهميته الاقتصادية
يقع حقل خريص في منطقة بين الرياض والأحساء على بعد حوالي 150 كيلومترًا من العاصمة السعودية ويجاور هذا الحقل العملاق حقل الغوار أكبر حقول النفط عالميًا والذي يُنتج حوالي 5 ملايين برميل يوميًا ويشكل حقل خريص جزءًا رئيسيًا من استراتيجية أرامكو لزيادة طاقة إنتاج النفط حيث أسهم تطويره في رفع الطاقة الإنتاجية القصوى للمملكة إلى 12 مليون برميل يوميًا مما يعزز من مكانتها كأكبر مصدر للنفط عالميًا والأكثر استقرارًا.
تاريخ وتحديات استغلال حقل خريص
تم اكتشاف حقل خريص في عام 1957 ولكن الاستغلال الكامل لم يبدأ إلا في عام 2009 وتأخر تشغيله بسبب التحديات التي واجهت الوصول إلى مكامن النفط العميقة فيه وهو ما استدعى توظيف تقنيات متقدمة واستعانت أرامكو بتقنية ضخ مياه البحر مباشرة في الحقل لدفع النفط الخام إلى السطح حيث استُخدِمت شبكة أنابيب طويلة لنقل مياه البحر من الخليج العربي إلى مكامن النفط وعلى عكس الحقول الأخرى التي يتم فيها ضخ مياه البحر بعد سنوات من الإنتاج وتم استخدام هذا النهج في خريص منذ البداية لتوفير تكلفة وأداء أعلى.
الاحتياطيات والإنتاج في حقل خريص
يمتلك حقل خريص احتياطيات ضخمة تقدر بـ 27 مليار برميل من النفط الخام ومنها حوالي 14 مليار برميل كاحتياطيات متبقية قابلة للاستخراج ومنذ بداية الإنتاج التجاري في 2009 وصل إنتاج الحقل إلى 1.2 مليون برميل يوميًا من النفط الخام ، بالإضافة إلى إنتاج الغاز الطبيعي والغازات السائلة مما يجعله أحد أكثر الحقول كفاءة وإنتاجية ، ويتم تخزين النفط المستخرج من خريص في ثلاثة خزانات عملاقة كل منها يتسع لـ 600 ألف برميل ثم يتم نقله عبر شبكة أنابيب تربط بين البحر الأحمر والخليج العربي بسعة تصل إلى 5 ملايين برميل يوميًا مما يسهم في تحقيق استقرار الإمدادات العالمية.
أكبر حقل نفط ذكي في العالم
أصبح حقل خريص في عام 2020 أول حقل نفط ذكي في العالم ضمن قائمة المنارات الصناعية العالمية المعترف بها من قبل المنتدى الاقتصادي العالمي ليكون بذلك مثالًا رائدًا على استخدام تقنيات الثورة الصناعية الرابعة وتم اعتماد الذكاء الاصطناعي وتحليلات البيانات الضخمة وأجهزة الاستشعار الذكية والروبوتات والتعلم الآلي لتحسين الإنتاجية وتقليل المخاطر البيئية ، ويأتي حقل خريص كجزء من منظومة “المنارات الصناعية العالمية” التي تضم المرافق الرائدة في استخدام التكنولوجيا المتقدمة ، وبهذا الانضمام أصبحت أرامكو الشركة الوحيدة في قطاع الطاقة ضمن هذه القائمة المرموقة وهو إنجاز يعكس ريادة المملكة في دمج التقنيات الحديثة بالقطاعات الصناعية الاستراتيجية ، وإلى جانب إنتاجه النفطي الكبير يركز حقل خريص على الابتكارات التقنية التي تسهم في تحسين الأداء والكفاءة ، ويعدُّ إدراجه ضمن المنارات الصناعية شهادة على جهود أرامكو في تطوير حلول مستدامة ومستقبلية مما يؤكد توجهها نحو تحقيق توازن بين تلبية احتياجات السوق وتقليل الأثر البيئي.