تعد القصص التي تدور حول اكتشافات الكنوز من أكثر المواضيع المثيرة التي تشد انتباه الناس في جميع أنحاء العالم، خاصة عندما يتعلق الأمر بشخص عادي يجد ثروة ضخمة دون سابق إنذار أو تخطيط، واحدة من تلك القصص التي تجمع بين الواقع والمغامرة وتختلط فيها الحظوظ بالمصادفات السعيدة هي القصة المدهشة التي حدثت في رومانيا عندما عثرت سيدة مسنة على حجر كهرماني نادر أثناء سيرها على شاطئ بالقرب من نهر بوزاو، هذه القصة لم تكن مجرد حادثة عابرة بل كان لها تأثير كبير ليس فقط على حياتها الشخصية بل أيضًا على الاقتصاد والتاريخ في بلدها.
كيف اكتشفت السيدة المسنة الكنز
في أحد الأيام المعتادة كانت السيدة المسنة تتنزه على ضفاف نهر بوزاو وهو نهر معروف في رومانيا بوجود العديد من قطع العنبر النادرة فيه، كانت السيدة التي تقطن في بلدة كولتي الصغيرة تمارس حياتها اليومية البسيطة عندما لفت انتباهها حجر صغير على الشاطئ، في البداية ظنت أنه مجرد صخرة عادية لكنها قررت جمعه وأخذه معها إلى منزلها، عندما قامت بفحصه عن كثب اكتشفت أنه لم يكن مجرد حجر بل كان قطعة كهرمان ضخمة يبلغ وزنها 3.5 كيلوجرام.
تعد هذه القطعة واحدة من أكبر قطع الكهرمان السليمة التي تم اكتشافها على مر العصور وقد تبين لاحقًا أن قيمتها تصل إلى 1.1 مليون دولار أمريكي أي ما يعادل أكثر من 53 مليون جنيه مصري، هذا الاكتشاف المدهش حول حياتها وحياة عائلتها إلى ما يشبه الحلم ليصبح الحجر الكهرماني ليس مجرد قطعة أثرية بل كنزًا يعكس قوة المصادفة وأثرها في حياتنا.
ما هو العنبر (الكهرمان)
الكهرمان هو مادة طبيعية تكونت من راتنجات الأشجار التي تحجرت بمرور ملايين السنين، يتميز بلونه الذهبي الدافئ أو الأحمر الداكن وهو ما جعله مادة ثمينة جدًا في صناعة المجوهرات والتزيين، يقدر العلماء أن عمر الكهرمان الذي اكتشفته السيدة المسنة يتراوح بين 38 و70 مليون سنة، هذه الفترة الزمنية الطويلة تمنح الكهرمان قيمة تاريخية وعلمية ضخمة حيث يعد بمثابة نافذة إلى الماضي البعيد، ويعرف الكهرمان أيضًا بقيمته البيئية والعلمية حيث يحمل آثار الكائنات الحية التي كانت محاصرة بداخله عبر العصور.
توجد عدة مناطق حول العالم تعرف بثرائها في إنتاج الكهرمان ومن أبرزها المنطقة المحيطة بنهر بوزاو في رومانيا حيث تعد هذه المنطقة من أغنى الأماكن عالميًا في إنتاج الكهرمان النقي، وقد ساعد اكتشاف الكهرمان في تلك المنطقة على تعزيز سمعة رومانيا كمصدر رئيسي لهذه المادة الثمينة.
القيمة الاقتصادية والعلمية لهذا الاكتشاف
من المؤكد أن اكتشاف هذه القطعة الكهرمانية لم يكن مجرد حدث عابر، في البداية لم تكن السيدة المسنة تعلم أن هذا الحجر سوف يغير حياتها ولكن بعد وفاتها في عام 1991 شك قريبها في قيمة الحجر، مما دفعه إلى بيعه للحكومة الرومانية، عندما تم تحليله من قبل الخبراء تم التأكد من أنه ينتمي إلى نوع نادر للغاية يسمى “الرومانيت” وهو من أندر أنواع الكهرمان في العالم.
هذا الاكتشاف كان له تأثير اقتصادي مهم في رومانيا إذ تم تصنيفه ككنز وطني واحتفظ به في متحف بوزاو الإقليمي منذ عام 2022، يعتبر هذا الحجر الكهرماني الآن جزءًا من تاريخ رومانيا وعرضًا في متحف المدينة حيث يتيح للزوار والباحثين فرصة دراسة مكونات البيئة القديمة التي كانت موجودة على كوكب الأرض قبل ملايين السنين.