في حدث غير مسبوق في صناعة التعدين، أعلنت شركة “ريو تينتو” الأسترالية-الإنجليزية عن إغلاق منجم أرجيل في أستراليا، الذي يُعتبر أكبر مصدر للماس الوردي في العالم. هذا المنجم الذي كان يعمل لمدة 41 عامًا متواصلة قد أصبح اليوم جزءًا من تاريخ صناعة التعدين، ما يمثل نقطة تحول في أسواق المجوهرات العالمية. ولعل ما يميز هذا الإغلاق هو اكتشافه الأول في عام 1979، حيث تم استخراج أكثر من 865 مليون قيراط من الألماس طوال فترة تشغيله.
اكتشاف نادر يغير صناعة الألماس
في عام 1979، كان العلماء في انتظار اكتشافات جديدة تساهم في زيادة معرفتنا بعالم الأحجار الكريمة. إلا أن ما تم اكتشافه في منجم أرجيل في منطقة كمبرلي الغربية في أستراليا تجاوز جميع التوقعات. بدأ المنجم في إنتاج كميات ضخمة من الماس الخام، حيث كان الماس الوردي يشكل جزءًا صغيرًا من الإنتاج الكلي، لكنه في الوقت نفسه كان يعد من أندر وأغلى الأنواع في العالم.
خلال السنوات التي تلت الاكتشاف، أصبحت شركة “ريو تينتو” مسؤولة عن عمليات التعدين في المنجم، واستمرت في العمل به بشكل مكثف حتى عام 2020. خلال هذه الفترة، استخرجت الشركة ما يزيد عن 865 مليون قيراط من الألماس، بما في ذلك كميات قليلة جداً من الماس الوردي النادر، الذي أصبح يعرف بكونه أحد أثمن وأغلى الأحجار الكريمة في أسواق المجوهرات الفاخرة.
سر ندرته وارتفاع قيمته
الماس الوردي ليس مجرد حجر كريم بل هو قصة طويلة من التحولات الجيولوجية العميقة. يتشكل هذا النوع النادر من الماس تحت ظروف خاصة جدًا، حيث يتطلب ضغطًا وحرارة هائلين لتشكيل هذه الأحجار الفريدة التي تحمل درجات متنوعة من اللون الوردي. ولهذا السبب، يعد الماس الوردي من أندر المواد الطبيعية التي تم اكتشافها حتى الآن، كما أن إنتاجه يقتصر على بعض الأماكن النادرة حول العالم. وقد جعلت هذه الندرة من الماس الوردي سلعة تجارية غالية جدًا، حيث يمكن أن يصل سعر القيراط الواحد من الماس الوردي إلى ثلاثة ملايين دولار في بعض الحالات، مما يتفوق على العديد من الأحجار الكريمة الأخرى في الأسواق العالمية.
نهاية حقبة
عام 2020 شهد قرارًا تاريخيًا من شركة “ريو تينتو” بإغلاق منجم أرجيل بعد استنفاد احتياطياته من الماس الوردي النادر. هذا القرار، الذي قد يبدو حتميًا نظرًا لاستنفاد الموارد، كان يحمل في طياته مشاعر مختلطة بين الحزن والفخر. فبعد أربعة عقود من النجاح، كان من الصعب تخيل عالم المجوهرات بدون هذا المصدر الثمين.
في عام 2024، تم تنظيم حفل وداع رمزي لهذا المعلم التاريخي، الذي أسهم بشكل كبير في الاقتصاد الأسترالي والعالمي. وفي حديثه خلال الحفل، أعرب مدير المنجم، أندرو ولسون، عن فخره بإنجازات المنجم، مشيرًا إلى أن الإنتاج استمر لمدة طويلة وأثر بشكل عميق على سوق الماس العالمي. وأضاف أن عملية إغلاق المنجم ستكون شاقة، حيث يتطلب تفكيك المنجم وإعادة تأهيل الأرض عدة سنوات.
تأثير إغلاق منجم أرجيل على السوق العالمية
إغلاق منجم أرجيل سيؤدي إلى فقدان مصدر رئيسي لإنتاج الماس الوردي النادر. من المتوقع أن يؤدي ذلك إلى تراجع عرض الماس الوردي في الأسواق العالمية، ما قد يرفع من أسعار هذا النوع من الماس بشكل كبير. ولأن الماس الوردي كان يشكل حوالي 90% من العرض العالمي، فإن النقص المتوقع قد يؤدي إلى تضاعف أسعاره في المستقبل القريب.
وفي هذا السياق، يعتقد العديد من الخبراء أن الطلب على الماس الوردي سيظل قويًا، خاصة في أسواق المجوهرات الفاخرة. هذا الأمر قد يخلق فرصًا جديدة للمناجم الأخرى التي تنتج الماس الوردي بشكل محدود، لكن من غير المحتمل أن تتمكن أي مناجم أخرى من تعويض النقص الكبير الذي سيتركه إغلاق أرجيل.