قال الدكتور محمد عبدالسميع مدير إدارة الفروع الفقهية بدار الإفتاء إن الرجل الذي يطلق زوجته يصبح بالنسبة لها مثل أي رجل غريب مما يعني أنه لا يجوز له الانفراد بها في مكان خال من الناس سواء كان الطلاق رجعيا أو بائنا، وجاء هذا التوضيح في فيديو نشرته دار الإفتاء على قناتها في يوتيوب، حيث أجاب الدكتور عبد السميع على سؤال حول حكم جلوس المطلقة مع طليقها في مكان خاص بعد الطلاق مشيرا إلى أن هذا الأمر لا يجوز شرعا إلا إذا كانت الزوجة ما زالت في فترة العدة وكان الطلاق رجعيا، مما يتيح للزوج إعادتها إلى عصمته، وأفاد الدكتور عبدالسميع بأن العلاقة بين الرجل وطليقته بعد الطلاق تقتصر على المعاملات المسموح بها مع الآخرين، ولا تتعدى الحدود الشرعية المحددة.
حكم العيش المشترك بين المطلقة وطليقها
في ذات السياق أصدرت دار الإفتاء المصرية فتوى على موقعها الرسمي تتعلق بمسألة مشابهة حيث تم طرح سؤال حول حكم إقامة المطلقة وطليقها معا في مسكن واحد بعد الطلاق، خاصة في حالة وجود أطفال يحتاجون إلى الرعاية، وأوضحت دار الإفتاء أن الشريعة الإسلامية تنص على أنه عندما يصبح الطلاق بائنا أي غير قابل للرجوع، تصبح المرأة “أجنبية” بالنسبة للرجل ولا يسمح لهما بالاختلاط إلا في حدود ضيقة.
أوضحت الفتوى أن المرأة المطلقة عليها أن تعتد في بيت الزوجية في حالة الطلاق الرجعي ولكن يشترط أن يكون هناك حائل يمنع الخلوة بين الزوجين، وأن يتم تجنب أي ظروف قد تؤدي إلى الفتنة، بحيث لا يتصرف الزوجان بنفس الطريقة التي كانا يتصرفان بها أثناء الزواج وقد استندت الفتوى إلى قوله تعالى: «يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا» [الطلاق: 1].
عالجت دار الإفتاء سؤالا مختلفا قدمه أحد المستفسرين، حيث قام بتطليق زوجته طلاقا بائنا بعد زواج دام لفترة طويلة وأنجبا خمسة أطفال صغار وقد طلب توضيح الحكم الشرعي بشأن إمكانية عودة طليقته للعيش معه من أجل رعاية الأطفال.
أجاب الشيخ الراحل أحمد محمد عبد العال هريدي، مفتي الجمهورية السابق أن إقامة المطلقة مع طليقها في نفس المنزل بعد الطلاق البائن تتعارض مع مبادئ الشريعة الإسلامية التي تنص على ضرورة اعتداد المطلقة في مسكن الزوجية فقط خلال فترة العدة وإذا انتهت فترة العدة، فإنه يتوجب عليها مغادرة المسكن.
واستشهد بآيات من القرآن العظيم تؤكد هذا الالتزام، مثل قوله تعالى: «وإذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة ولا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة».
أوصت دار الإفتاء الرجل بضرورة الابتعاد عن طليقته بعد انتهاء عدتها، وعدم السماح لها بالعيش معه في نفس المكان وأشارت إلى أهمية الفصل بين الحياة الزوجية المنتهية والسلوكيات غير المقبولة، حتى لو كان الهدف من المعيشة المشتركة هو رعاية الأطفال حيث يمكن توفير هذه الرعاية من خلال الحضانة والنفقة والتعليم دون الحاجة للعيش في مكان واحد.