تثير فكرة عدم وجود الشطاف في حمامات الأوروبيين استغراب الكثيرين، خاصة من القادمين من الدول العربية أو آسيا، حيث يعتبر الشطاف جزءا أساسيا من تجهيزات الحمام، هذه الظاهرة تعود لأسباب تاريخية وثقافية وحتى صحية، مما جعل أوروبا تتجنب إدخال الشطاف في حماماتها لعقود طويلة، وتعرف على تفاصيل هذه الأسباب التي ربما لم تكن تتوقعها وكيف أثر التاريخ والعادات المختلفة على هذا الأمر حتى اليوم.
أصل الفكرة: التأثير التاريخي والديني
يرجع غياب الشطاف في الحمامات الأوروبية إلى ظروف تاريخية مرتبطة بالدين والصحة، فقد ارتبط الشطاف أصلا بالثقافة الفرنسية، إذ ظهر لأول مرة في فرنسا في القرن السابع عشر كأداة لتنظيف الجسم، وقد استخدم بشكل رئيسي في بيوت النبلاء، مع ذلك، عندما بدأ الشطاف بالانتشار، ارتبط بشكل سلبي باعتباره أداة يستخدم في بيوت البغاء، مما جعل استخدامه محظوراً وغير مقبول اجتماعيا.
وبمرور الوقت، ظهرت فروقات واضحة في العادات والنظافة بين أوروبا وبقية الدول، خاصة في الشرق الأوسط وآسيا، حيث يعتبر الشطاف رمزا للنظافة، ومع انقسام أوروبا دينيا، أصبحت هذه الممارسة موضع جدل، وبرزت في بعض المناطق في أوروبا الأفكار التي تروج للتنظيف باستخدام الورق، خاصة في بريطانيا وألمانيا، حيث تم تبني الورق كوسيلة أساسية للنظافة دون الحاجة لاستخدام الماء.
اعتبارات تتعلق بالبنية التحتية
السبب الآخر لعدم انتشار الشطاف في أوروبا يعود إلى البنية التحتية للحمامات والمباني، خاصة أن الكثير من الدول الأوروبية تضم مباني قديمة تتطلب تكاليف عالية لإجراء تعديلات تتناسب مع إضافة الشطاف، وتلك المباني القديمة ليست مجهزة بأنظمة السباكة التي تدعم استخدام الشطاف، وتحتاج إلى تعديلات مكلفة لتركيبها.
التأثير الصحي والمخاوف الطبية
تروج بعض الدراسات الأوروبية لفكرة أن استخدام الشطاف قد يتسبب في مشكلات صحية، منها اختلال التوازن البكتيري الطبيعي في الجسم، وفقا لهذه الرؤية، يفضل الأوروبيون استخدام الورق باعتباره خيارا أكثر أمانا في نظرهم، على الرغم من أن الدراسات لا تدعم ذلك بشكل قاطع.
التغيرات الحديثة وازدياد انتشار الشطاف
في السنوات الأخيرة، بدأت النظرة نحو الشطاف تتغير تدريجيا في بعض الدول الأوروبية، خاصة مع زيادة التبادل الثقافي والهجرة وارتفاع الوعي الصحي، وشهدت بعض البلدان مثل إيطاليا واليونان تصاعدا في الطلب على الشطاف، حيث بات ينظر إليه كأداة فعالة للحفاظ على النظافة.
قد يبدو عدم وجود الشطاف في الحمامات الأوروبية أمرا غريبا، لكنه يعكس اختلافات ثقافية وتاريخية معقدة بين الشعوب، ومع ذلك، يبدو أن هذا التباين قد يتلاشى مع الوقت، حيث تزداد شعبية الشطاف تدريجيا في أوروبا الحديثة.