في ظل العصر الأكاديمي الحالي الذي يزداد فيه الضغط النفسي على الطلاب بسبب الامتحانات والدورات الدراسية، تظهر بين الحين والآخر حالات غريبة تتحدى المعايير التقليدية لقياس الفهم والتحصيل الأكاديمي. واحدة من أبرز هذه الحالات كانت إجابة طالب جامعي في امتحان اللغة الإنجليزية، التي لم تكن مجرد إجابة عن سؤال دراسي، بل تعبير عن شخصيته وإحباطه في مواجهة النظام التعليمي. هذه الواقعة أثارت الكثير من الجدل على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث نشر الطالب صورة لإجاباته التي تضمنت أسلوب الكتابة الفرانكو (الكتابة التي تمزج بين الحروف العربية والإنجليزية)، مما دفع الكثيرين للتساؤل عن مدى قدرة هذا النوع من التعبير على مساعدة الطالب في تجاوز الضغط الأكاديمي، وما إذا كان يمكن اعتباره شكلاً من أشكال الإبداع يجب أن يُحتفى به.
إجابات غير تقليدية في قاعة الامتحان: البداية
تداولت وسائل الإعلام الاجتماعية مؤخرًا صورة لإجابة طالب في امتحان اللغة الإنجليزية، حيث لم تقتصر إجاباته على الأسئلة الأكاديمية المعروفة، بل حملت طابعًا شخصيًا وفكاهيًا. من بين الإجابات التي جذبت الانتباه، ذكر الطالب أنه يشارك في حفلات موسيقية تشمل حفلات كأس الأمم الإفريقية، مشيرًا إلى وزارتي الصحة والشباب والرياضة. ما لفت النظر أيضًا هو استخدامه للكتابة الفرانكو، التي يعبر بها العديد من الشباب اليوم على منصات التواصل الاجتماعي. هذا الأسلوب في الكتابة لم يكن مجرد اختيار لأسلوب غير تقليدي، بل كان بمثابة تعبير عن شخصية الطالب وتجاربه الحياتية، مما دفع البعض إلى التساؤل: هل يعد هذا النوع من الإجابات تمردًا على النظام التعليمي أم هو تعبير مشروع عن معاناة الطلاب في مواجهة ضغوط الدراسة؟
الفوضى في قاعة الامتحان: ضغوط نفسية وأسلوب غير مألوف
بينما كانت الإجابة محل جدل، كان هناك أيضًا شعور عام بين الطلاب بأن النظام التعليمي في الجامعات يحتاج إلى تعديل. بعض الطلاب مثل “هاجر أحمد علي” عبروا عن إحباطهم من امتحانات تشمل كل محتويات المنهج رغم قدرتهم على الإجابة على بعض الأسئلة فقط، مما دفعهم إلى الكتابة للمدرسين عن مشاعرهم وأسباب توترهم. في حالات أخرى، كشفت طالبة تُدعى “أسماء عمارة” عن موقف آخر، حيث أكد الدكتور في وقت سابق أنه سيحذف فصلاً من الكتاب، ولكن جاءت أسئلة الامتحان كلها مستندة إلى هذا الفصل، مما أدى إلى حالة من الاستياء في القاعة. هذه الأمثلة تعكس الصراع الداخلي الذي يشعر به الطلاب بين متطلبات النظام الأكاديمي والضغوط النفسية التي ترافقهم في أثناء الامتحانات.
هل هي إبداع أم تهرب من الواقع؟
رغم أن الإجابة التي نشرها الطالب الجامعي قد بدت غير متوقعة، إلا أن العديد من الطلاب وجدوا فيها تعبيرًا عن مشاعرهم الحقيقية. في الوقت الذي كان من المفترض أن يلتزم الطالب بالإجابة على أسئلة تتعلق باللغة الإنجليزية، اختار أن يعبّر عن نفسه بأسلوب فكاهي يعكس التحديات التي يواجهها في حياته الأكاديمية. من جانب آخر، قد يرى البعض أن مثل هذه الإجابات تعتبر تهربًا من المسؤولية أو عدم اكتراث بقيمة الدراسة، وهو ما يطرح سؤالًا مهمًا: هل يجب أن نسمح للطلاب بالتعبير عن أنفسهم بحرية حتى وإن كان ذلك خارج إطار المقرر الأكاديمي؟ أم أن هذه التصرفات قد تضر بالعملية التعليمية نفسها وتؤثر سلبًا على جديتها؟
تأثير الضغوط النفسية والموسيقى: مواقف أخرى تثير الجدل
من جانبه، تحدث أحد الطلاب (أحمد) عن تجربته الشخصية في الامتحان، حيث كان يفكر في أغنية معينة أثناء أدائه للامتحان، مما أثر على قدرته على التركيز واسترجاع المعلومات. هذه التجربة كانت بمثابة انعكاس لتأثير الضغوط النفسية والإلهاءات التي قد تؤثر بشكل كبير على قدرة الطلاب على أداء الامتحانات بالشكل المطلوب. وهذا يثير نقطة هامة تتعلق بتأثير الضغوط النفسية على الأداء الأكاديمي، خاصة في أوقات الامتحانات، التي يمكن أن تكون مرهقة للغاية بالنسبة للطلاب. إن الشعور بالتوتر والقلق يمكن أن يُعطل القدرة على التفكير السليم، وبالتالي قد تؤدي هذه العوامل إلى تراجع الأداء الأكاديمي.
الصراع بين التعبير الذاتي وقيود النظام الأكاديمي
هذه الحوادث تبرز بوضوح الصراع المستمر بين التعبير الشخصي للطلاب وبين القواعد الجامدة التي يفرضها النظام الأكاديمي. في حين أن التعليم ينبغي أن يكون بيئة تُشجع على التفكير النقدي والإبداع، فإن العديد من الأنظمة التعليمية ما تزال تركز بشكل رئيسي على تقديم المعلومات واختبار المعرفة من خلال أساليب تقليدية. هذا التناقض قد يجعل الطلاب يشعرون بأنهم مُجبرون على الالتزام بتوقعات معينة دون أن يُسمح لهم بالتعبير عن أنفسهم بالطريقة التي يرونها مناسبة.
مع تزايد الضغوط النفسية على الطلاب بسبب الامتحانات، قد يصبح من الضروري إعادة النظر في أساليب التقييم التي تعتمد بشكل كامل على اجتياز الامتحانات فقط. فمن الأهمية بمكان أن يتم تقدير الطلاب ليس فقط بناءً على معرفتهم الأكاديمية، ولكن أيضًا بناءً على قدراتهم على التعبير عن أنفسهم وإبداعهم في مواجهة التحديات.
إعادة التفكير في أساليب التقييم: هل حان الوقت لتغيير النظام؟
إن القصة التي أثارها الطالب الجامعي في امتحانه تثير تساؤلات كبيرة حول كيفية تقييم الطلاب في الأنظمة التعليمية الحديثة. من الواضح أن التعليم لا يجب أن يكون مجرد عملية لتدريس الحقائق والعلوم فقط، بل هو عملية تهدف إلى تطوير التفكير النقدي والإبداعي للطلاب. من هذا المنطلق، يجب أن يُعاد التفكير في طرق التقييم التي لا تقتصر على اختبار قدرة الطلاب على استرجاع المعلومات، بل تشمل أيضًا تقييم مهاراتهم في التعبير والتفكير النقدي.
إضافة إلى ذلك، ينبغي أن يكون النظام التعليمي أكثر مرونة في قبول أشكال التعبير المختلفة التي قد تكون غير تقليدية لكنها تعكس الحقيقة التي يعيشها الطالب. وقد يكون من الأفضل أن يشجع المعلمون الطلاب على التفكير خارج الصندوق، بحيث يشعرون بأنهم قادرون على تقديم أفكارهم بحرية دون الخوف من العقوبات.