“السر وراء الكتان”.. لماذا لم يجرؤ أحد على فك لغز مومياء باشيري!!

تظل الحضارة المصرية القديمة مثار اهتمام كبير لدى العلماء والباحثين حول العالم، حيث إنها ما زالت تحتفظ بالعديد من الأسرار التي لم تفك شفرتها بعد، ومن بين هذه الأسرار، تأتي البراعة الهندسية في بناء الأهرامات والمعابد، وأسرار التحنيط التي لم تكشف حتى يومنا هذا، فضلا عن المهارة الفنية التي تجلت في تماثيلهم الرائعة، ومن أكثر هذه الاكتشافات الأثرية غموضا وإثارة هي مومياء تدعى “باشيري” أو “باكيري”، التي تقدم نموذجا فريدا لعبقرية المصريين القدماء في التحنيط والحفاظ على الجثث.

براعة المصريين القدماء في فن التحنيط

تميز المصريون القدماء بتقنيات متقدمة في فن التحنيط، وما زالت طريقة تحنيطهم تشكل لغزا محيرا للعالم الحديث، وهذه البراعة تعكس فهمهم العميق للمواد الكيميائية والنباتات والأعشاب، التي مكنتهم من حفظ أجساد موتاهم بشكل مذهل، وتعتبر المومياء المعروفة باسم “باشيري” مثالا على هذه العبقرية، حيث استطاع المصريون القدماء الحفاظ على جسدها لآلاف السنين، مما أثار دهشة العلماء وأظهر مدى تطور تقنيات التحنيط في العصر البطلمي.

اكتشاف مومياء باشيري وأهميتها الأثرية

تم العثور على مومياء “باشيري” عام 1919 في وادي الملوك بمحافظة الأقصر، وذلك على يد عالم المصريات البريطاني هوارد كارتر، ومنذ لحظة اكتشافها، شغلت المومياء اهتمام العلماء والباحثين في علم الآثار، كونها تعود إلى العصر البطلمي بين القرنين الثاني وأوائل الثالث قبل الميلاد، عندما بلغ فن التحنيط ذروته في الدقة والجودة، ورغم مرور مئات السنين على هذا الاكتشاف، فإن تفاصيل عملية التحنيط التي استخدمت لحفظ جسد “باشيري” لا تزال تدهش المختصين وتعكس عبقرية المصريين القدماء.

اللغز وراء هوية مومياء باشيري

يحيط الغموض بهوية المومياء، حيث لا توجد نقوش واضحة تساعد في تحديد اسم صاحبها بدقة، وتظل هناك اختلافات في نطق الاسم، إذ ينطقها البعض “باشيري” وآخرون “باكيري”، ومن خلال الأسلوب الفريد في التحنيط ودقة عملية الحفظ، توصل العلماء إلى أن “باشيري” كان على الأرجح من طبقة الأثرياء، إلا أن المنصب أو الدور الذي كان يؤديه هذا الشخص في حياته لا يزال مجهولا، خاصة بعد تعرض المومياء للسرقة في القرن التاسع عشر ونقلها إلى متحف اللوفر الفرنسي حيث تعرض حاليا.

التحديات التي تواجه دراسة مومياء باشيري

أحد أبرز جوانب التعقيد في دراسة هذه المومياء يكمن في طريقة التحنيط المتميزة، وخاصة الأسلوب المعقد في لف الكتان حول الجسد، حيث يتميز بكونه تقنية غير مألوفة ولم يتم العثور على مثيل لها في مومياوات أخرى، يعد هذا التعقيد حال دون فك العلماء لأقمشة الكتان المحيطة بالمومياء، خوفا من عدم قدرتهم على إعادة لفها بالطريقة الأصلية، هذا التحدي جعل دراسة مومياء “باشيري” مهمة شبه مستحيلة، مما يعكس مدى براعة المصريين القدماء في تحنيط وحفظ الجثث بطرق يصعب على العلم الحديث فك شيفرتها.

تعتبر مومياء “باشيري” من الكنوز الأثرية الفريدة التي تروي قصة عبقرية المصريين القدماء في التحنيط، وتثير إعجاب العالم بمدى تطور تقنياتهم وقدرتهم على حفظ جثث موتاهم لأكثر من ألفي عام، ورغم تقدم العلم الحديث، لا تزال تفاصيل كثيرة حول طريقة تحنيط “باشيري” وأسرارها محجوبة، مما يجعل من الحضارة المصرية القديمة لغزا مستمرا يجذب الباحثين ويشعل شغفهم لمعرفة المزيد عن هذا الإرث الإنساني الخالد.