في واقعة أثارت جدل واسع على منصات التواصل الاجتماعي، نشرت إحدى وسائل الإعلام تفاصيل عن إجابة غير متوقعة لطالبة في امتحان تجريبي بل وقد تكون أغرب من أن تصدق الطالبة المعروفة باسم عبير لم تجب على الأسئلة المعتادة في ورقة الامتحان بل كتبت رسالة طويلة موجهة إلى معلمها تصف فيها موقفها بطريقة أدهشت المصحح وأثارت ردود فعل كبيرة في رسالتها قالت: “هو أنا عارفة أكتب إجابة جوه، ليه أكتب إجابات هنا؟ وبعدين متفتكرش إنك تخوفني عشان ده امتحان لأ، مش أنا يا حبيبي أنا بمتحن بس علشان أنجح واتجوز” هذه الإجابة الغريبة، التي كانت بعيدة تماما عن محتوى السؤال سرعان ما أصبحت محور نقاش حاد بين معلمي المدرسة ونشطاء وسائل التواصل الاجتماعي الذين تداولوا الحادثة بكثرة.
الضغط الاجتماعي: ما هي تأثيراته على القيم الشخصية
تعكس هذه الحادثة واقع اجتماعي مؤلم يرتبط بتوقعات المجتمع من الفتيات في العديد من الثقافات حيث تبقى فكرة الزواج والأمومة الهدفين الرئيسيين في حياة العديد منهن، غالبا ما ينظر إلى الفتاة منذ صغرها على أنها مهيأة للقيام بهذه الأدوار التقليدية، وقد تخترق هذه القيم عقلها تدريجي حتى تصبح جزء من هويتها وفهمها لذاتها.
تكمن المشكلة في أن هذا الاتجاه يقلل من اهتمام الفتاة بتحقيق ذاتها في مجالات مختلفة مثل التعليم واكتساب المهارات المهنية أو الاستقلال المالي وبالتالي، تصبح طموحات الفتاة مقتصرة على أن تكون زوجة وأم فقط دون التفكير في الفرص الأخرى التي قد تكون متاحة لها، يمكن أن تعتبر رسالة الطالبة عبير دليل على تأثره بالواقع الاجتماعي المحيط بها ففي مضمون رسالتها، يتبين بوضوح أن هدفها من الدراسة لا يقتصر على تحقيق التفوق الأكاديمي أو بناء مسيرة مهنية بل يركز فقط على النجاح من أجل الانتقال إلى مرحلة الزواج وإقامة أسرة هذه الرؤية، رغم شيوعها في بعض المجتمعات تعكس منظور محدود قد يعيق التنمية الذاتية ويقلل من الفرص المستقبلية.
دور المدرسة والمجتمع في توجيه الشباب
واحدة من النقاط المثيرة للاهتمام في هذه الحادثة هي دور المدرسة والمجتمع في توجيه طلابهم وخاصة الفتيات نحو التفكير بشكل أوسع، يتضح أنه يوجد نقص في التركيز على تعزيز الطموحات الشخصية للطلاب بعيد عن القيم التقليدية المتداولة، وهنا يبرز دور المدرسة في تطوير مهارات التفكير النقدي لدى الطلاب وتعريفهم بأن النجاح لا يتوقف عند الزواج وتأسيس الأسرة بل يمتد إلى مجالات متنوعة تشمل العمل والابتكار وبناء علاقات اجتماعية مستدامة.
من ناحية أخرى يمكن أن يسهم المجتمع بشكل كبير في تصحيح هذه المفاهيم من خلال توعية الأهل والمعلمين بأهمية تعليم الفتيات بأنهن قادرات على تحقيق إنجازات كبيرة سواء في المجال الدراسي أو في الحياة العملية، يجب على الأفراد والمجتمعات أن يسعوا جاهدين لخلق بيئة تدعم الفتيات في التفوق الأكاديمي والمشاركة النشطة في مجالات متنوعة.
الرأي العام: بين السخرية والقلق
عندما تم تناقل هذه الحادثة عبر وسائل التواصل الاجتماعي كانت ردود الأفعال مختلفة، اعتبر البعض أن الطالبة عبير تظهر حالة سلبية ينبغي معالجتها على مستوى المجتمع بشكل عام حيث رأى هؤلاء أن الرسالة التي كتبتها الطالبة تعكس تراجع في فهمها لدورها في الحياة، وبالتالي يجب أن تخضع لمراجعة تربوية وفي بعض الأحيان لدعم نفسي لتوجيهها نحو أفكار أكثر تنوع وشمولية.
من جهة أخرى يعتبر بعض الناس أن الحادثة تعكس فقط حالة من الضغوط النفسية أو ربما نوع من السخرية الداخلية من نظام تعليمي يفرض ضغوط زائدة على الطلاب، ويعتقد هؤلاء أن الطالبة ربما أرادت من خلال رسالتها التعبير عن استيائها من النظام التعليمي الذي لا يقدم لها سوى خيارات محدودة قد لا تتوافق مع طموحاتها الشخصية.
الضغط النفسي وأثره على أداء الطلاب
يعتبر الضغط النفسي من العوامل التي تؤثر بشكل كبير على أداء الطلاب في مختلف مراحل التعليم في بعض الأحيان، يؤدي الضغط الناتج عن السعي نحو النجاح الأكاديمي أو التفوق إلى شعور الطلاب بالتوتر والاكتئاب خاصة إذا كانوا يعتقدون أن الفشل في الامتحانات يعني الفشل في الحياة وهذا يمكن أن يفسر تصرف الطالبة عبير في هذه الواقعة، حيث بدت كما لو كانت تتخلى عن إجاباتها في الامتحان وتوجه رسالتها كوسيلة للتخفيف من الضغط النفسي الذي تعاني منه.
من المعروف أن بيئة التعليم الجيدة يجب أن تشجع الطلاب على الاستمتاع بعملية التعلم واكتساب المعرفة بدل من تركهم يتعرضون للضغوط الناتجة عن التوقعات المبالغ فيها والروتين الأكاديمي الصارم وبالتالي، ينبغي على المؤسسات التعليمية تعزيز سياسات توازن بين تحقيق النجاح الأكاديمي والحفاظ على صحة الطلاب النفسية.