تُعدّ اللغة العربية واحدة من أقدم اللغات وأغناها بالمرادفات وتتميز بقدرتها على توليد صيغ جمع متنوعة تعطي المعنى ثراءً وتعمقًا ، وتضم اللغة أسماءً كثيرةً لكائنات من الحياة البرية تميزت بأصواتها أو مظهرها، مثل الطائر المسمى “هدهد” ، وهذا الطائر المعروف بريشه الملون وصوته المميز لا يظهر فقط في الطبيعة بل له أيضًا مكانة في الأدب والتراث العربي ، ولكن ما هو جمع كلمة “هدهد”؟ وكيف يعود أصل هذه الكلمة؟ ، وهذا المقال سيستعرض كل ما يتعلق بجمع كلمة “هدهد” وأصلها ودلالاتها الثقافية.
جمع كلمة “هدهد”
في اللغة العربية تنفرد العديد من الكلمات بأكثر من صيغة جمع وهذه الظاهرة تضيف إلى اللغة العربية ثراءً وتنوعًا وتأتي كلمة “هدهد” بصيغتي جمع مختلفتين وهما:
- هدهدات: يعتبر هذا الجمع هو جمع المؤنث السالم، ويستخدم للتعبير عن تعدد الطيور ولكنه ليس شائعًا عند استخدامه لكلمة “هدهد”، إذ إن الناس يميلون إلى صيغة الجمع الثانية.
- هداهد: يعد هذا الجمع هو الأكثر شيوعًا ويُستخدم بشكل واسع للإشارة إلى عدد من طيور الهدهد ويأتي “هداهد” كجمع تكسير وهو النمط الأكثر استخدامًا لكونه يتناسب أكثر مع طبيعة الكلمة وطابعها.
أصل كلمة “هدهد”
تعود كلمة “هدهد” إلى أصل عربي قديم إذ أن هذه الكلمة مذكورة منذ قرون في الأدب العربي ، كما أن لها ذكرًا مميزًا في القرآن الكريم ، وقد وردت كلمة “هدهد” في سورة النمل حيث تتحدث الآيات عن قصة النبي سليمان عليه السلام مع طائر الهدهد الذي يعتبره بعض المفسرين بمثابة “جاسوس” للنبي ، ففي هذه القصة كان الهدهد هو من نقل خبر مملكة سبأ وأحوالها إلى النبي سليمان ليتحول بذلك إلى رسول ينقل الأخبار ويتقصى الأوضاع ، ويعكس هذا الدور التاريخي والرمزي طائر الهدهد كرمز للذكاء والبصيرة وحب الاستكشاف ، كما أن الهدهد يختلف عن كثير من الطيور حيث يمتلك خصائص مميزة مثل لونه الجميل وقلنسوته الريشية التي تضفي عليه مظهرًا فريدًا ، ولهذا السبب انتشرت الكلمة في الأدب العربي القديم وأصبحت من الكلمات التي تحمل دلالات ترمز إلى البحث والمثابرة.
الاستخدامات الثقافية لكلمة “هدهد”
لم تقتصر كلمة “هدهد” على المعاني اللغوية فقط بل تجاوزتها لتصبح جزءًا من التراث الأدبي والثقافي العربي فقد ورد ذكر الهدهد في الكثير من القصص الشعبية والأشعار العربية التي تمجد الطيور وقدرتها على الهجرة والتنقل ويرمز الهدهد في هذه الأشعار إلى الحكمة والنقل والإلهام وذلك بفضل قدرته على التحليق لمسافات بعيدة ليكتشف الأماكن ويعرف الأخبار ، وفي بعض الثقافات الأخرى يُعدّ الهدهد رمزًا للمحبة والوفاء ويعتقد البعض أن ظهوره يجلب الحظ السعيد ، كما أن صورته تُستخدم في العديد من الأعمال الفنية خاصةً في النقوش والزخارف كرمز للطبيعة والجمال.