عمرها أكثر من 127 عاما.. حكاية إعادة تشغيل أقدم معصرة زيوت بالأقصر (صور)

مشروع قومى ضخم لا يزال يعمل على قدم وساق فى كافة أرجاء مدينة إسنا جنوب محافظة الأقصر، وهو مشروع الاستثمار بالسياحة المستدامة والمتكاملة، الذى يهدف إلى إطلاق إمكانيات التراث الثقافى المتنوع، بما يعهد لإعادة إحياء تلك المنطقة لصورة مستدامة ووضع القرية بما تشكله من معالم تراثية متميزة على الخريطة السياحية.

وفى هذا الصدد تم العمل خلال الفترة الماضية على التطوير الشامل والترميمات الدقيقة بأيدى أمهر الشباب والفتيات داخل معصرة الزيوت التاريخية فى مدينة إسنا، التى تعتبر أقدم معصرة زيوت يدوية فى الأقصر ويعود تاريخها لأكثر من 212 سنة مضت، حيث تحولت المعصرة الواقعة على بعد 100 متر من معبد خنوم بمدينة إسنا جراء التطوير لتحفة تراثية مميزة، تجذب الضيوف والسائحين من حول العالم، حيث تتضمن هذه الإجراءات عادةً إصلاح الأجزاء المتضررة أو المفقودة، واستبدال المواد القديمة بأخرى مماثلة، وتحديث أنظمة البنية التحتية مثل الكهرباء والمياه والصرف الصحي.

وكان مبنى معصرة الزيوت اليدوية بمدينة إسنا، عبارة عن جدران قديمة ومبنى مكون من غرفتين تم بناؤه بالطوب اللبن والذى كان قديمًا كان أشهر من النار على العلم، وكان يتوافد عليه الزبائن طوال النهار لشراء الزيوت المميزة التى تم إنتاجها داخل المعصرة التاريخية بالمدينة، ومؤخرًا بالكاد تعمل المعصرة لأيام معدودة فى الشهر وتتوقف فترة لقلة الحبوب والبذور التى يتم طحنها وإخراج الزيوت منها لقلة الإقبال من الأهالى على الشراء وتهالك معداتها، وعادت للحياة من جديد بعد خطط التطوير التى حصلت عليها بدعم مشروع إكتشاف أصول إسنا التراثية المميز.

وتعتبر تلك المعصرة التى تم تطويرها مؤخرًا أقدم معصرة يدوية فى جنوب الأقصر، حيث أنها كانت عبارة عن حجر ضخم يعصر الغلة التى يتم جلبها بأنواع معينة لإنتاج الزيوت المختلفة، ويقوم الجمل بالدوران بالحجر والعصا لطحن الغلال لتنتج العجينة النهائية قبل دخولها مرحلة العصر، موضحًا أن أول عصر وطحن للغلال تبدأ بعد الفجر مباشرة حتى الساعة العاشرة صباحًا، حيث يقوم شخص بقيادة الجمل أو البقرة حسب الماشية المتوفرة لتحريكه فى حركات دائرية لإتمام العصر للغلال حتى وصولها لمرحلة العجينة، وبعد العصر تدخل العجينة لمرحلة المكبس والذى يوضع داخله “براش” عبارة عن عقد دائرية لحبال بأشكال مختلفة معينة يتم وضعها بطريقة فنية داخل المكبس لكى تخرج العجينة زيتها والشكل النهائى للزيوت التى تقدم للتجار لبيعها للمواطنين.

وعن التاريخ التراثى لأقدم معصرة فى إسنا، فقد كشف عمر فخرى، مفتش الآثار الإسلامية والقبطية بقطاع آثار إسنا، أن المعصرة تعد من التراث التاريخى بمحافظة الأقصر، حيث بنيت منذ أكثر من 127 سنة وفى فترة ولاية محمد على باشا وأسرته حكم مصر، حيث بنيت فى عام 1897 وهى معصرة الزيت الوحيدة المتبقية العاملة فى إسنا، وكانت معصرة الزيت هذه تنتج زيوتًا مصنوعة من حبوب الخس والسمسم، ونادرًا ما يوجد زيت الخس فى الوقت الحاضر، ويقال فى الماضى أن هذا الزيت كان يستخدم كمصدر دواء لبعض الأمراض.

وأضاف عمر فخرى لـ”اليوم السابع”، أن الغرفة الثانية تسمى “بيت الزيت” وهى التى يتم داخلها استخلاص الزيت عن طريق آلة يدوية تتكون من قوائم وعوارض من الخشب المتين المقلوظ، وتوضع أعلاها كمية الطحين ويتم ضغطها بشدة للقرص على الحبال الموضوعة داخلها لكى تنتج الزيوت المصفاة وبها مجرى يقوم بتصفية الزيت من الشوائب تمامًا، مؤكدًا على أن معصرة الزيوت التاريخية بالأقصر دخلت فى مشروع إعادة اكتشاف الأصول التراثية والثقافية بمدينة إسنا، الذى يهدف إلى إطلاق إمكانات التراث الثقافى المتنوع للمدينة، بما يمهد لإعادة إحياء تلك المنطقة بصورة مستدامة ووضع المدينة بما تشكله من معالم تراثية متميزة على الخريطة السياحية بمصر.

ومن الجدير بالذكر أن معصرة زيوت بكور التراثية بمدينة إسنا، بعد تطويرها أصبحت مزار سياحى هام ويزورها السياح لمشاهدة التراث داخلها فى إنتاج الزيوت المميزة، حيث أن زيت الخس التى تخرجها المعصرة لها فوائد كثيرة للغاية فهى غنية بالحديد والفسفور والكالسيوم والنحاس واليود وخلافه من المواد التى تساعد فى العلاج وتهدئة الأعصاب وعلاج السكر وآلام المرضى المختلفة، وهو مقوى عام يساعد فى تقوية عضلة القلب وتقوية الأعصاب.

فيما شملت الأعمال فى مشروع اكتشاف أصول إسنا التراثية، العمل على تطوير 18 محلا وبازارا سياحيا وفندقا محليا ومقهى فى المسار السياحى بمدينة إسنا من خلال برنامج حوافز عن طريق استقبال طلبات دعم وتطوير مقدمى الخدمات السياحية، وترميم معصرة بكور للزيوت التاريخية وافتتاحها لاستقبال الزوار، وتجديد واجهات 14 من المبانى ذات القيمة المعمارية المتميزة بقلب المدينة، وإنتاج لافتات إرشادية للمواقع التراثية بأيدى سيدات وشباب مدينة إسنا باستخدام تقنيات الحفر على الخشب ووضعها فى المسار السياحى بمدينة إسنا.

ومن الجدير بالذكر أن المشروع يعتبر من الخطط الضخمة التى تعيد إحياء كافة المواقع الأثرية والتراثية لخدمة السائحين الذين يتوافدون بصورة يومية على مرسى المدينة السياحية ضمن رحلات المراكب النيلية الأقصر – أسوان، وتقوم كافة الجهات بمتابعة هذا المشروع العالمى، ليبدأ من جديد بقرية وابورات المطاعنة حيث أن المشروع يسمى (إعادة اكتشاف الأصول التراثية الثقافية بمدينة إسنا)، وبالتعاون مع كل من محافظة الأقصر ووزارة الآثار، ويتم تنفيذ هذا المشروع بتمويل من الشعب الأمريكى من خلال الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.

 

 


العمل يعود داخل معصرة الزيوت بإسنا

 

المعصرة تعمل بحجر جرانيت يزن 500 كيلو تجرها بقرة
المعصرة تعمل بحجر جرانيت يزن 500 كيلو تجرها بقرة

 

انتاج الزيوت فى المعصرة قبل تطويرها
انتاج الزيوت فى المعصرة قبل تطويرها

 

انتاج الزيوت من المعصرة بعد توقفها سنوات
انتاج الزيوت من المعصرة بعد توقفها سنوات

 

بيت انتاج الزيت داخل المعصرة بإسنا
بيت انتاج الزيت داخل المعصرة بإسنا

 

تجديد معصرة الزيوت التاريخية فى إسنا
تجديد معصرة الزيوت التاريخية فى إسنا

 

تطوير شامل للمعصرة بمشروع اكتشاف اصول اسنا التراثية
تطوير شامل للمعصرة بمشروع اكتشاف اصول اسنا التراثية

 

جانب من تطوير معصرة زيوت اسنا
جانب من تطوير معصرة زيوت اسنا

 

خروج الزيوت من المعصرة
خروج الزيوت من المعصرة

 

عودة العمل فى المعصرة من جديد
عودة العمل فى المعصرة من جديد

 

فرحة عودة العمل فى معصرة الزيوت باسنا
فرحة عودة العمل فى معصرة الزيوت باسنا

 

مكان صحن الغلال داخل معصرة بكور للزيوت
مكان صحن الغلال داخل معصرة بكور للزيوت

 

واجهة المعصرة بعد تطويرها بمدينة إسنا
واجهة المعصرة بعد تطويرها بمدينة إسنا

 

نقلا عن اليوم السابع