يعتبر “الربع الخالي” هو القلب النابض لـ شبه الجزيرة العربية، وذلك لأن باطنه به كنوزاً جيولوجية وتاريخية لا يمكن تخيلها، حيث تبين من خلال البحوث الدقيقة لـ طبقات الأرض وتكويناتها توصل الخبراء العلماء إلى تاريخ هذه المنطقة وما شهدته من تغيرات المناخية على مر السنين. كما أن من خلال الرمال تبين أسرار حول الحياة الإنسانية.
رحلة إلى واحة يبرين وأسرار حضارة عاد
قام “ياقوت الحمودي” بإطلاق اسم واحة “يبرين” على صحراء الربع الخالي نسبة إلى هذه الواحة الواقعة على الحدود الشمالية لها، واعتقد كثير من العلماء أن حضارة “عاد” ذات القدم الضاربة والتي عرفها القرآن في “إرم ذات العماد، التي لم يُخلق مثلها في البلاد” لم يتم اكتشافها بعد حيث أنها مدفونة في أعماق رمال الصحراء، وتحدث الخبير في الجيولوجيا “الدكتور حمود الشنطي” حول وصف الربع الخالي فقال أنه ممتلئ بالواحات والنوافير الخاص بالمياه، فضلًا عن المظهر الجمالي للكثبان الرملية ووجود مياه جوفية، وتحدث عنه لـ “العربية” باعتباره كنز وثروة مدفونة داخل الصحراء تتنوع بين “الذهب الأسود، الغاز، المياه الجوفية”، وكشفت بعض الدراسات أن “الربع الخالي” يعيش به فئة من البشر بجانب خزانات المياه، وذلك بعد أن إيجاد رؤوس أسهم خاصة بالصيد، وظلت الرحلات التي يقوم بها البشر مستمرة طوال هذه السنوات.
تأثير الأمطار الاستثنائي على الصحراء
بعد أن جاءت آخر عاصفة التي تسمى بـ”مكونو” على “الربع الخالي” تركت اثرًا حيث أخذت الأمطار في الهطول وهذه حالة لم يحدث منذ مايزيد ثلاثون سنة، وبمرور السنوات ستعمل الجاذبية الأرضية على إدخال المياه بين الرمال حتى تصل إلى التكوينات الجوفية، كما أوضح “الشطني” أن الرمال في “الربع الخالي” أخذت اشكالًا مختلفة مثل النجمية، الطويلة، السيفية، وهذه الأشكال تعتبر بمثابة انعكاسًا حول طابع المكان وتاريخ تواجد العنصر البشري به، كما كشفت الدراسات مزيد من الظواهر التي حديث بالربع وأثرت فيه مثل النيازك، الكهوف، الصبخات، وبعض العوامل الجيولوجية الأخرى، والتي تحاول المملكة السعودية قد المستطاع اكتشاف السر حول حدوثها.
في حين تحدث “عبدالله العمري” الخبير الجيولوجي أن ما يحتوى عليه الربع الخالي في هذه الآونة من مياه تكن في عمق التشكيلات الصخرية وذلك نتيجة لتواجده في القاطع الجنوبي من الجهة الشرقية لشبه الجزيرة العربية ويغطي رقعة واسعة كما تأتي كافة القنوات المائية من الدرع العربي ومن المملكة تحديدها شمالها حيث وادي الرمة وغيره من الأودية.
كنوز مائية عميقة في قلب الربع الخالي
أشارت التقديرات أن عمر المياه الجوفية المتواجدة داخل “الربع الخالي” يتراوح بين خمسة إلى عشرة آلاف سنة، ويجدر ذكر أن هذه المياه تكون غير متجددة حيث أنها كامنة في عمق، وتحدث “العمري” أنه تم إجراء دراسة دقيقة منذ ثلاث سنوات من أجل التوصل إلى المصادر المائية التي يحتوي عليها “الربع الخالي” وأفضت النتائج إلى وجود نوعين مم المياه هما المياه التي تكون على مقربة من السطح وتظل فترة قليلة ومن ثم تتعرض لعملية التبخر وبذلك تتشابه مع المياه التي تتواجد في هذه الآونة أي بعد حلول العاصفة الأخيرة، أما النوع الأخر فهو تلك الكامنة في التشكيلات الصخرية وتتواجد على عمق يبلغ أربعة كلم في سطح الأرض، وتضم بعض المناطق ضمن “الربع الخالي” كمية ضخمة من المياه تحديدًا في مكان يبعد عن مدينة حلب مسافة خمسمائة كلم، وتبعًا لبعض البحوث الاستطلاعية التي تم إجراؤها في “الربع الخالي” تم الكشف عن تواجد ثروات مائية لا حصر لها في الصحراء ولكنها تضم معدلات عالية من الكبريت، بينما تكون غير جارية داخل مكان واحد.
وكان التوقعات حول “الربع الخالي” في وقت ماضي أنه كان عبارة عن أنهار متدفقة، ولكن تبعًا للدراسات “الجيوفيزيائية” فإنه تم التوصل إلى وجود تدفقات مائية متواصلة وأخرى متوقفة، كما أنه هناك بعض الأماكن غنية بطبقات البترول والغاز، ويتواجد في المناطق الجنوبية الشرقية الحدودية مع المملكة والإمارات وعمان منخفضات مائية وهذا يجعل كمية المياه بها أكبر.
في أعقاب “مكونو”
تحدث “العمري” حول التأثيرات التي تعرضت لها المياه الجوفية بعد حدوث إعصار مايسمى بـ “مكونو” فقال أن المياة القريبة من السطح بإمكانها أن تصبح مياه جوفية ولكن هذا الأمر يتطلب الانتظار لسنوات طويلة، بينما غالبية المياه الكامنة في “الريع الخالي” تكونت خلال فترة التجليد الذي ملأ العالم منذ عشرة آلاف سنة، وتستقر هذه المياه في الجزء السفلي من الكثبان الرملية.
ومن المدهش أن هذه المنطقة تمتلأ بكنوز كبيرة من النفط، الغاز الطبيعي، الطاقة الشمسية، الرمال الزجاجية على البيئة القاسية فيها، ومن خلال حفر الآبار الاستكشافية في الجزء الشرقي والجنوبي الشرقي من صحراء الربع الخالي تم التوصل إلى أن كميات كبيرة من المياه تكمن في الطبقات الجيولوجية الأيوسين الجيرية والتي تتشابه مع تلك التكوينات التي تستقر بها المياه داخل “إقليم الأحساء”.