منذ اكتشافه، أصبح منجم “أرغيل” في أستراليا الغربية واحدًا من أكبر وأشهر المناجم في العالم، ليس فقط بسبب حجمه الضخم، بل لأنّه يحتوي على أكبر مخزون من الماس الوردي على وجه الأرض. هذا الكنز الطبيعي استقطب اهتمام العديد من الباحثين، المستثمرين، والمستكشِفين الذين يسعون وراء الثروات التي يخبئها هذا المنجم الفريد. يقع المنجم في منطقة نائية شمال شرق أستراليا، حيث يمتد على ضفاف بحيرة أرجيل ويبعد نحو 550 كيلومترًا جنوب شرق مدينة داروين، مما يجعله موقعًا بعيدًا وغير متاح للجميع. لكن بفضل احتوائه على أكثر من 191 طنًا من الألماس، أصبحت قصة هذا المنجم مثار حديث حول العالم.
الماس الوردي: جوهر نادر وذو قيمة عالية
على الرغم من أن الماس معروف بلونه الأبيض أو الأزرق أو الأصفر، فإن الماس الوردي يتمتع بسمعة خاصة بفضل لونه الجذاب ونُدرته الشديدة. تعود نُدرة الماس الوردي إلى الطريقة التي يتشكل بها لونه، والتي تختلف عن باقي أنواع الماس. لا ينتج اللون الوردي عن شوائب في الماس مثل النيتروجين أو البورون، بل عن التشوهات في هيكل بلوراته نتيجة العمليات الجيولوجية التي تحدث تحت ضغط وحرارة هائلين. وفي هذا المنجم، يمكن أن يصل سعر القيراط من الماس الوردي إلى أكثر من مليونين دولار أمريكي، مما يجعله واحدًا من أكثر الأحجار الكريمة قيمة في العالم.
تاريخ طويل من التعدين والاكتشافات الجيولوجية
تاريخ منجم “أرغيل” يعود إلى اكتشافه في عام 1979، حيث بدأت عمليات التعدين فيه في عام 1983 واستمرت حتى عام 2020، عندما أُغلِق المنجم بسبب انخفاض إمدادات الماس وظروف اقتصادية صعبة. خلال هذه الفترة، تم استخراج ما يزيد عن 865 مليون قيراط (191 طنًا) من الألماس المتنوع الألوان، بما في ذلك الماس الأبيض والبنفسجي والوردي، إلى جانب الأنواع الأكثر شهرة مثل الماس الأزرق. ما يميز تكوين المنجم الجيولوجي هو أنه يقع في منطقة على حافة القارة، مما يجعله مكانًا غير عادي لاستخراج الماس، حيث أنه بعيد عن المنطقة المعتادة التي توجد فيها الأحجار الكريمة، وهي عادة مناطق تكوين الصخور الكيمبرليتية.
العوامل الجيولوجية وراء ظهور الماس الوردي
العمليات الجيولوجية التي تحدث في المنطقة هي المسؤولة عن تكوين الماس الوردي. يُعتقد أن الصخور التي تحوي الماس في منجم “أرغيل” قد تشكلت قبل أكثر من 1.3 مليار سنة، إثر تصادم الصفائح التكتونية. هذه الاصطدامات الضخمة بين قطع القشرة الأرضية أسفرت عن تغيرات هائلة في التركيب البلوري للماس الموجود، مما أدى إلى ظهور اللون الوردي المميز. هذا النوع من الصخور يُسمى “لامبرويت الزبرجد”، وهو نوع بركاني غير شائع في مناطق وجود الماس، ما يجعل منجم “أرغيل” مثالًا فريدًا في العالم. يضاف إلى ذلك أن هذا المنجم يُعتبر دليلًا هامًا على تشكل القارة العملاقة “نونا” التي كانت جزءًا من القارة الأسترالية قبل ملايين السنين.