في تطور اقتصادي هام لفنزويلا وتم الإعلان مؤخرًا عن اكتشاف حقل غاز ضخم تبلغ احتياطياته 30 تريليون قدم مكعب مما يعزز مكانة البلاد كمورد رئيسي للطاقة على مستوى العالم ويعد هذا الاكتشاف بمثابة “نعمة” اقتصادية ضخمة خاصة وأنه سيسمح لفنزويلا بتصدير كميات هائلة من الغاز الطبيعي مع تركيز خاص على أسواق قارة أفريقيا التي تشهد طلبًا متزايدًا على الطاقة وتأتي هذه التطورات في وقت بالغ الأهمية بالنسبة لفنزويلا التي تسعى جاهدة إلى تحقيق استقرار اقتصادي وتعزيز مكانتها في السوق العالمي للطاقة.
اتفاقية تطوير حقلي غاز في فنزويلا
في خطوة استراتيجية نحو استثمار هذا الاكتشاف الهائل وقعت فنزويلا اتفاقية جديدة مع شركة “فينيورانتو بتروليوم” النيجيرية لتطوير حقلين للغاز الطبيعي في خليج فنزويلا والاتفاقية تم توقيعها بحضور الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو الذي أعرب عن سعادته بتسريع عملية الاستثمار والإنتاج من منصات الغاز في البلاد والحقلان المشار إليهما في الاتفاقية هما “باراكودا” و”بوكا دي سيربينتي”، وهما يقعان في المياه الإقليمية لفنزويلا حيث تشير التقديرات إلى أن احتياطيات الغاز في المنطقتين تبلغ حوالي 30 تريليون قدم مكعب وهذا الاكتشاف يعزز قدرة فنزويلا على أن تصبح أحد اللاعبين الرئيسيين في تصدير الغاز إلى الأسواق العالمية خاصة إلى قارة أفريقيا التي تبحث عن مصادر جديدة للطاقة.
اكتشاف حقل باراكودا البحري
يعد حقل “باراكودا” البحري في خليج فنزويلا من أبرز الاكتشافات في هذا السياق ووفقًا للتقارير يقدر احتياطي هذا الحقل بنحو 20 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي إضافة إلى تريليوني برميل من المكثفات ويُعد هذا الحقل من الحقول الواعدة التي قد تُسهم بشكل كبير في تعزيز صادرات فنزويلا من الغاز الطبيعي ، أما حقل “بوكا دي سيربينتي”، فبينما لا تتوفر تفاصيل دقيقة عن احتياطياته فإنه يقع في منطقة استراتيجية بالقرب من الحدود مع غايانا مما يجعله محورًا مهمًا من الناحية الاقتصادية والجيوسياسية ، ويعتبر حقل باراكودا من أكثر الحقول البحرية ابتكارًا في فنزويلا من حيث تقنية استخراج الغاز وتكمن أهمية هذا الحقل في موقعه الجغرافي الذي يجعل منه نقطة تصدير مثالية للأسواق العالمية وهو ما يعزز من فرص فنزويلا في أن تصبح واحدة من أبرز مصدري الغاز الطبيعي في المستقبل القريب.
تعزيز التعاون مع شركاء دوليين
تسعى فنزويلا إلى تعزيز التعاون مع شركات دولية لتعظيم الاستفادة من احتياطيات الغاز الطبيعية في البلاد ، بالإضافة إلى الاتفاقية مع “فينيورانتو” قامت فنزويلا بتوقيع اتفاقيات أخرى مع دولة ترينيداد وتوباغو تشمل استكشاف وإنتاج الغاز في الحقول البحرية المشتركة وهذه الاتفاقيات تأتي في إطار جهود فنزويلا لتوسيع نطاق التعاون الدولي وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية في قطاع الطاقة ، وفي هذا السياق تسعى شركة “بتروليوس دي فنزويلا” إلى جذب استثمارات إضافية لتطوير نحو 25 فرصة استثمارية في مياه خليج فنزويلا حيث تتمتع المنطقة ببنية تحتية متطورة تشمل المصافي والموانئ التي تسهل تصدير الغاز والنفط ، وإن تنوع الشركاء الدوليين الذين تسعى فنزويلا لاستقطابهم يعكس رغبة البلاد في توسيع نطاق تعاونها الدولي وتفعيل العلاقات الاقتصادية مع مجموعة واسعة من الدول والشركات الكبرى في مجال الطاقة وتعتبر هذه الخطوات جزءًا من الاستراتيجية الفنزويلية للتعافي من الأزمات الاقتصادية والتمويلية التي مرت بها البلاد في السنوات الأخيرة.
التحديات السياسية والتهديدات بإعادة تخصيص مشاريع الغاز
رغم الأفق الاقتصادي الواسع الذي يفتحه اكتشاف الغاز في فنزويلا إلا أن البلاد لا تزال تواجه تحديات سياسية قد تؤثر على استقرار هذا القطاع فعلى الرغم من فوز نيكولاس مادورو في الانتخابات الرئاسية في يوليو 2024 إلا أن هذه النتائج تعرضت للطعن من قبل المعارضة مما أسفر عن احتجاجات واسعة في مختلف أنحاء البلاد وفي ظل هذا المناخ السياسي المتوتر وهدد مادورو بنقل حقوق تطوير مشاريع الغاز والنفط إلى دول مجموعة “البريكس” إذا استمرت الضغوط السياسية من قبل الدول الغربية ، وأضاف مادورو أن فنزويلا مستعدة لتحويل حقوق تطوير مشاريع الغاز إلى شركائها في البريكس مثل الصين وروسيا والهند إذا حاولت الدول الغربية التدخل في شؤون البلاد السياسية وهذه التصريحات تعكس التوجه الاستراتيجي لفنزويلا نحو تعزيز علاقاتها مع دول مثل روسيا والصين اللتين تعتبران حليفين أساسيين في مواجهة الضغوط الغربية ، كما يشير هذا إلى أن فنزويلا قد تبدأ في إعادة ترتيب أولوياتها الاقتصادية وهو ما يفتح الباب أمام فرص جديدة للتعاون مع حلفائها في مجموعة البريكس.
احتياطيات النفط والغاز في فنزويلا
تتمتع فنزويلا بإحدى أكبر احتياطيات النفط والغاز في العالم ووفقًا للأرقام الرسمية تمتلك البلاد 303 مليارات برميل من النفط و200 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي وهذا يجعل فنزويلا واحدة من أكبر الدول المنتجة للطاقة في العالم ويمنحها نفوذًا كبيرًا في أسواق الطاقة الدولية ، كما أن فنزويلا بصدد تصديق احتياطيات جديدة من الغاز والنفط باستخدام تقنيات متطورة قد ترفع من مكانتها كداعم رئيسي لإمدادات الطاقة في المنطقة وتعمل فنزويلا على استخدام هذه الاحتياطيات الهائلة لتعزيز قطاع الطاقة حيث أشار مادورو إلى أن بلاده ستصبح رابع أكبر منتج للغاز الطبيعي في البحر الكاريبي بعد التوسع في استثمارات الغاز ويأمل المسؤولون في فنزويلا أن تسهم هذه الاستثمارات في تحسين الوضع الاقتصادي للبلاد خصوصًا في ظل الحاجة الماسة لتنويع الاقتصاد الفنزويلي الذي يعتمد بشكل كبير على النفط.