تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، غدًا الأحد، بذكرى استشهاد القديس مارمينا العجايبي، والذي يعتبر من أعظم الشهداء في التاريخ القبطي. ولد القديس مارمينا في منطقة نقيوس لأبوين صالحين، حيث كان والده أوذكسيوس واليًا على المنطقة، ولكن الحسد والتنافس العائلي جعله ينتقل إلى ولاية أخرى في أفريقيا، حيث كان محبوبًا من أهلها نظرًا لرأفته وتقواه العميقة.
دعاء واستجابة.. ولادة القديس مارمينا
لم يكن لوالدة مارمينا أولاد، وفي أحد الأيام، زارت الكنيسة في عيد السيدة العذراء مريم في أتريب. هناك، بينما كانت تشاهد الأطفال مع عائلاتهم، بدأت بالبكاء أمام صورة السيدة العذراء، متوسلة بأن يرزقها الله ابنًا. وفي تلك اللحظة، سمعت صوتًا من الصورة يقول “آمين”. عادت إلى منزلها وأخبرت زوجها بما حدث، ورُزقا بطفل أسموه “مينا” نسبةً إلى الكلمة التي سمعتها والدته. نشأ القديس مارمينا على التعاليم المسيحية وتلقى التعليم والتربية الروحية حتى بلغ الحادية عشرة من عمره، وفقد والده ومن ثم والدته بعد ثلاث سنوات.
تكرس القديس مارمينا لحياة التقوى
بعد وفاة والديه، كرس القديس مارمينا حياته للعبادة والزهد، حيث عاش بالصلاة والصوم في فترة صعبة من تاريخ المسيحية، حيث كانت هناك اضطهادات قاسية ضد المؤمنين. أصبح القديس محط احترام الجميع، واختاره الناس ليحل محل والده كوالي، لكنه لم يتخلَّ عن إيمانه القوي بالمسيح.
استشهاد القديس مارمينا
عندما أصدر الإمبراطور دقلديانوس مرسومًا بعبادة الأوثان، لم يستطع القديس مارمينا التزام الصمت، بل أعلن إيمانه جهارًا وعاد إلى مدينته التي كان والياً عليها ليشهد للمسيح. حاولت السلطات في البداية إقناعه وتهديده بالعقاب، لكنه صمد في إيمانه، فعُذب بشكل وحشي، ثم قُطعت رأسه بالسيف وتم إلقاء جسده في النار، ولكن بقي الجسد ثلاثة أيام دون أن يناله الفساد.
نقل الجسد إلى الإسكندرية
بعد استشهاد القديس مارمينا، تمكنت شقيقته من استرجاع جسده الطاهر، حيث وضعت الجسد في مركب وتوجهت به إلى الإسكندرية حسب وصيته. في طريقها، واجهتهم وحوش بحرية، لكن بفضل شفاعة القديس، ظهرت نار طردت تلك الوحوش.
تكريم الجسد الطاهر وبناء ضريح له
عندما وصلت السفينة إلى الإسكندرية، خرج الشعب لاستقبال الجسد الطاهر للقديس مارمينا، ورافقهم الأب البطريرك، حيث أودع الجسد في كنيسة وكرموه بأكفان غالية. وبعد انقضاء فترة الاضطهاد، أمر الرب البطريرك أثناسيوس بنقل الجسد إلى مكان جديد، فخرج الجمل الذي حمل الجسد إلى بحيرة مريوط، وتوقف هناك، ففهم الشعب أن هذا هو المكان المقدس المطلوب.
عجائب القديس مارمينا
في المكان الذي دُفن فيه، استمر القديس مارمينا في تحقيق عجائب عظيمة وشفاعات لأبناء الكنيسة. ويمثل المكان الذي دفن فيه القديس، والذي بُني في منطقة مريوط مزارًا مهيبًا للقديس، حيث يزوره المؤمنون طلبًا للبركة والشفاعات.
خلاصة القول
تأتي ذكرى استشهاد القديس مارمينا العجايبي كتذكار حافل بالإيمان والصبر والشجاعة، حيث يبقى القديس مصدر إلهام للكثيرين ممن يقتدون بإيمانه وشجاعته. في هذا اليوم، تجدد الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تمجيدها لهذا القديس العظيم، وتدعو المؤمنين إلى الصلاة والتأمل في معجزاته وقصته التي تمثل رمزًا للثبات في الإيمان.