في مفاجأة غير متوقعة أعلنت إحدى الدول عن اكتشاف أكبر حقل غاز في العالم باحتياطيات هائلة تصل إلى 80 تريليون قدم مكعبة وهذا الاكتشاف يثير قلق كبار منتجي الطاقة بما في ذلك السعودية والإمارات لما يمثله من تهديد لهيمنتهما على أسواق النفط والغاز في المنطقة ، كما يثير حالة من الارتباك في الولايات المتحدة وروسيا العملاقين التقليديين في سوق الطاقة إذا استُغلت هذه الثروة الطبيعية بشكل استراتيجي وقد يعيد هذا الحقل تشكيل خريطة الطاقة العالمية ويضع الدول التقليدية في مأزق اقتصادي وسياسي.
اكتشاف حقل جبل علي للغاز
أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة في فبراير 2020 عن اكتشاف حقل جبل علي للغاز الطبيعي وهو واحد من أكبر الاكتشافات في تاريخها ويمثل هذا الحدث نقلة نوعية في مسيرة الإمارات نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي ويعزز موقعها على خارطة الطاقة العالمية ويُعد الحقل الذي يغطي مساحة شاسعة بين إماراتي أبوظبي ودبي ركيزة أساسية لدعم التنمية الاقتصادية المستدامة وتحقيق أهداف الإمارات للخمسين عامًا القادمة.
- الموقع الجغرافي
يمتد حقل جبل علي بين منطقتي سيح السديرة في إمارة أبوظبي وجبل علي في إمارة دبي ويغطي مساحة تبلغ نحو 5,000 كيلومتر مربع ويتميز هذا الموقع بأهمية استراتيجية حيث يسهم في تعزيز تكامل البنية التحتية للطاقة بين إمارتي أبوظبي ودبي.
- الاحتياطيات والإمكانات
بلغت احتياطيات الحقل نحو 80 تريليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي وهو ما يعادل تقريبًا 20% من إجمالي احتياطيات الإمارات وهذا الاكتشاف رفع إجمالي احتياطيات الغاز في البلاد إلى 513 تريليون قدم مكعبة، مما يعزز مكانة الإمارات كواحدة من الدول التي تمتلك أكبر مخزونات من الغاز الطبيعي على مستوى العالم.
الأهمية الاستراتيجية والاقتصادية
قبل اكتشاف حقل جبل علي واعتمدت الإمارات على واردات الغاز الطبيعي لتلبية احتياجاتها خصوصًا من قطر رغم العلاقات الدبلوماسية المقطوعة بين البلدين منذ عام 2017 ، وجاء هذا الحقل ليعزز أمن الطاقة الإماراتي ويقلل من الاعتماد على الواردات الخارجية مما يدعم الاستقلالية في هذا القطاع الحيوى ، ويمثل الغاز المكتشف مصدرًا حيويًا لدعم المشروعات التنموية الكبرى في الإمارات حيث يمكن أن يسهم في توليد الكهرباء وتطوير الصناعات الثقيلة وتعزيز نمو القطاعات الاقتصادية الأخرى ، كما يعزز هذا الاكتشاف فرص الاستثمار المحلي والدولي في قطاع الطاقة مما يضيف قيمة كبيرة للاقتصاد الإماراتي ، ومن خلال هذا الاكتشاف، عززت الإمارات موقعها بين أكبر الدول المنتجة للغاز الطبيعي مما يضعها في مصاف الدول الرائدة عالميًا في قطاع الطاقة وهذا الإنجاز يدعم أيضًا خطط الإمارات لتنويع اقتصادها وتقليل الاعتماد على النفط كمصدر أساسي للدخل.
جهود التطوير وشراكة استراتيجية بين “أدنوك” و”دوساب”
تولت شركتا أدنوك (شركة بترول أبوظبي الوطنية) ودوساب (هيئة دبي للتجهيزات) قيادة جهود تطوير الحقل وتم توقيع اتفاقيات شراكة استراتيجية بين الجانبين لوضع خطة شاملة لاستغلال موارد الحقل وتطوير بنيته التحتية ، ولضمان استغلال أمثل لموارد الغاز اعتمدت “أدنوك” على تقنيات حديثة تشمل الحفر التقليدي وغير التقليدي. تم حفر أكثر من 10 آبار استكشافية في منطقة الحقل بهدف تقييم الموارد بدقة واكتشاف إمكانات جديدة ، كما ركزت الشركة على تطوير الأغطية الغازية واستغلال الغاز الحامض مما يعكس نهجًا مستدامًا في عمليات الإنتاج.
انعكاسات حقل جبل علي التنموية
يعزز الغاز المكتشف قدرة الإمارات على تنفيذ مشاريع تنموية كبرى، بما في ذلك المدن الذكية والمشاريع الصناعية الضخمة ، كما يدعم التحول نحو الاقتصاد المستدام الذي يعتمد على مصادر طاقة نظيفة ومتجددة ، ويعد تطوير حقل جبل علي فرصة لتوفير آلاف الوظائف المباشرة وغير المباشرة سواء في قطاع الطاقة أو في القطاعات المرتبطة به مثل النقل والصناعة والبنية التحتية ، وجذب الاكتشاف اهتمام المستثمرين المحليين والدوليين مما يعزز من تدفق الاستثمارات في قطاع الطاقة الإماراتي ويدعم الاقتصاد الوطني على المدى الطويل.