شهدت مصر خلال العقود الماضية العديد من الاكتشافات الأثرية المدهشة، التي أعادت صياغة التاريخ المصري القديم والمثير في الأمر أن بعضًا من أعظم تلك الاكتشافات جاءت بمحض الصدفة، وكان للحمير دور غير متوقع فيها وقد يبدو الأمر غريبًا، ولكنها حقيقة أثرت بشكل كبير على علم الآثار المصري دعونا نستعرض أهم ثلاثة اكتشافات كان للحمار دور رئيسي في الكشف عنها.
1. مقبرة توت عنخ آمون: الحمار والصبي الذي غيّر التاريخ
تُعد مقبرة توت عنخ آمون واحدة من أهم الاكتشافات الأثرية في التاريخ، إذ تم العثور عليها عام 1922 في وادي الملوك بالأقصر ويعود الفضل في هذا الاكتشاف العظيم إلى صبي يدعى حسين عبد الرسول، الذي كان يقوم يوميًا بجلب الماء على ظهر حماره إلى العمال في المنطقة وذات يوم، كان الصبي يضع جرّة المياه على الحمار الذي وقف فوق الدرجة الأولى من سلم المقبرة المدفونة تحت الرمال وتلك اللحظة العشوائية قادت إلى الكشف عن المقبرة الذهبية، بما تحتويه من كنوز لا تُقدّر بثمن وكافأ الفريق الأثري الصبي بارتدائه قلادة ذهبية من مقتنيات الملك الشاب، وتم تصويره بها تخليدًا للدور الذي لعبه.
2. مقابر كوم الشقافة: حمار يكشف عن أعجوبة تاريخية
في عام 1900، تم اكتشاف مقابر كوم الشقافة، التي تُعتبر من عجائب الدنيا السبع في العصور الوسطى والقصة بدأت عندما كان أحد الحمير يسير بالقرب من الموقع، لكن قدمه انزلقت في فتحة صغيرة قادت إلى مدخل المقبرة ما تم العثور عليه داخل تلك المقابر كان مذهلًا؛ إذ تحتوي على مجموعة من الاكتشافات الفريدة التي تمزج بين الثقافات المصرية، واليونانية، والرومانية القديمة وهذا الاكتشاف سلّط الضوء على اندماج الحضارات المختلفة في مصر خلال تلك الحقبة الزمنية.
3. وادي المومياوات الذهبية: تغيير المسار الذي صنع التاريخ
في مارس 1996، كان الشيخ عبد الموجود عائدًا إلى منزله في الواحات البحرية، عندما قرر حماره بشكل غير متوقع تغيير طريقه المعتاد وأثناء السير، غاصت قدم الحمار في حفرة صغيرة، التي تبيّن لاحقًا أنها مدخل وادي المومياوات الذهبية وعلى مدار السنوات اللاحقة، استمرت الحفريات حتى عام 1999، ليُعلن رسميًا في عام 2000 عن هذا الاكتشاف الفريد. تم العثور على عشرات الأقنعة الذهبية والمومياوات التي تعود إلى القرنين الأول والثاني الميلاديين، خلال فترة الحكم الروماني في مصر.
دروس من الصدفة
تلك القصص الثلاث تذكّرنا بأن الاكتشافات العظيمة قد تأتي من أمور بسيطة وغير متوقعة فالحمار، الذي يُعتبر رفيقًا يوميًا في الحياة الريفية المصرية، أصبح بطلًا في هذه الحكايات التي أعادت تشكيل فهمنا للتاريخ المصري القديم.
ربما علينا أن نتوقف قليلاً عند تلك الصدف العجيبة التي تقودنا إلى أعظم كنوز الماضي، حيث يتداخل فيها العمل البشري مع قوى الطبيعة والمصادفة.