“سر غريب وراء أكل الثعابين لبعضها”.. الحقيقة وراء هذا السلوك الغامض!!

تعد ظاهرة أكل الثعابين بعضها البعض من السلوكيات المثيرة التي تم رصدها في أنواع عديدة من الثعابين، وهي ليست مجرد تصرف عارض، بل تعد استراتيجية بقاء تم توثيقها علمياً.

أشهر أنواع الثعابين التي تتبع هذا السلوك هي الكوبرا الملكية (Ophiophagus hannah)، التي يُترجم اسمها حرفياً إلى “آكل الثعابين” تنتشر هذه الكوبرا في مناطق متعددة من الهند وجنوب الصين وجنوب شرق آسيا، حيث تتغذى بشكل رئيسي على الثعابين الأخرى، بما في ذلك الأنواع السامة مثل الكرايت والكوبرا يساعد هذا النظام الغذائي في تقليل المنافسة على الموارد الغذائية ويضمن لها مصدرًا ثابتًا للطعام تبلغ الكوبرا الملكية طولاً قد يصل إلى 18 قدمًا، مما يجعلها أطول الثعابين السامة في العالم، كما أن سمها القوي وحجمها الكبير يجعلها من أعتى المفترسات التي تستطيع اصطياد فرائس ضخمة.

أما الثعابين الملكية الشرقية (Lampropeltis getula) فهي أحد الأمثلة الأخرى على الثعابين التي تتغذى على الثعابين وهي تعيش في أمريكا الشمالية، وتشتهر بمقاومتها لسموم العديد من الثعابين السامة مثل الأفاعي الجرسية، مما يمكنها من التغذي عليها تعيش هذه الثعابين في بيئات متنوعة، مثل الغابات والمراعي، وقدرتها على افتراس الثعابين الأخرى تمنحها ميزة تكيفية هائلة في البرية وتستخدم الثعابين الملكية طريقة الخنق لقتل فريستها، وهي أسلوب فعال ضد الثعابين التي غالباً ما تكون عاجزة عن الهروب من لفائفها القوية.

أما عن السبب وراء هذه الظاهرة الغريبة، فقد أظهرت دراسات أن أكل الثعابين بعضها يعود إلى عدة عوامل، أبرزها ندرة الطعام، والإجهاد، والنزاعات الإقليمية على سبيل المثال، لوحظ في البرية أن ثعابين الصخور الأفريقية (Python sebae) تلتهم الثعابين الأصغر حجماً في حالات ندرة الطعام، وهو سلوك موثق في دراسة أجريت في جنوب إفريقيا عام 2013 كما أن هذا السلوك قد يظهر في الأسر أيضاً، حيث تعيش الثعابين في ظروف قد تكون غير مريحة أو مكتظة، ما يدفع بعضها إلى افتراس الأخرى وقد تم تأكيد هذا في دراسة عام 2021 نُشرت في “مجلة Herpetological Review”، التي أكدت أن الثعابين التي تعيش في حاويات صغيرة مع أماكن اختباء محدودة تكون أكثر عرضة لهذا السلوك، مما يبرز أهمية توفير بيئة ملائمة للثعابين في الأسر لتقليل التوتر.

 

من الناحية البيئية والتطورية، يعد سلوك أكل الثعابين لبعضها جزءًا من دورة الحياة الطبيعية من خلال تناول الثعابين الأخرى، تساهم هذه الأنواع في التحكم في أعداد فرائسها، ما يساهم في الحفاظ على التوازن البيئي كما أن هذا السلوك يقلل من المنافسة على الموارد ويعزز من قدرة الثعابين المفترسة على الازدهار على سبيل المثال، تساعد الكوبرا الملكية في الحد من أعداد الثعابين السامة مثل الكوبرا والكرايت، مما يقلل من خطر تعرض البشر والحيوانات الأخرى للدغ.

من المنظور التطوري، يشير تطور هذه القدرة على تناول الثعابين الأخرى، بما في ذلك السامة، إلى مستوى عالٍ من التكيف المتخصص فمثلاً، طوَّرت الكوبرا الملكية مقاومة لسم الثعابين، ما أتاح لها فرصة استغلال مصدر غذائي قد لا تتمكن من الوصول إليه المفترسات الأخرى تبرز هذه التكيفات تطور الثعابين بشكل مذهل وتعدد استراتيجيات البقاء التي تطورت عبر ملايين السنين.

يستمر سلوك الثعابين في إثارة اهتمام العلماء والجمهور على حد سواء، إذ تسلط الأفلام الوثائقية مثل “Planet Earth II” الضوء على هذه السلوكيات، موفرة رؤى حول الحياة المعقدة لهذه الزواحف ويُسهم مثل هذه العروض في زيادة الوعي بأهمية الحفاظ على الثعابين ودورها في الحفاظ على توازن النظم البيئية.