في واحدة من أكثر الاكتشافات إثارة في العصر الحديث تم العثور على مدينة ضخمة تحت سطح الأرض يعيش بها آلاف الأشخاص في ظروف غامضة بعيدًا عن العالم الخارجي وهذه المدينة التي تمتد على عمق يصل إلى 60 مترًا تحت الأرض ليست مجرد مجموعة من الأنفاق أو الكهوف بل هي معجزة معمارية متكاملة مما يجعل الأمر أكثر إثارة هو أن سكان هذه المدينة عاشوا فيها منذ آلاف السنين وفي عزلة تامة عن سطح الأرض ونجحوا في بناء حياة متكاملة بموارد محدودة والاكتشاف أثار دهشة العلماء والرأي العام وأصبح لغزًا يحير الجميع: كيف استطاع هؤلاء الأشخاص البقاء على قيد الحياة في هذا المكان المعزول؟ ولماذا اختاروا بناء مدينة بهذا الحجم تحت الأرض؟ والأهم ما هي الأسرار التي تخفيها هذه المدينة؟
موقع المدينة الغامضة
تقع هذه المدينة العجيبة في منطقة كابادوكيا بتركيا وهي منطقة معروفة بتضاريسها البركانية وتاريخها الغني بالحضارات القديمة واكتُشفت المدينة بالصدفة عندما حاول أحد السكان المحليين ترميم منزله وأثناء الحفر وجد مدخلًا يؤدي إلى سلسلة من الأنفاق التي تمتد لعدة طوابق تحت الأرض ، والمدينة ليست مجرد مجموعة عشوائية من الغرف أو الممرات بل هي مدينة متكاملة بمعنى الكلمة وتحتوي على 18 طابقًا تحت الأرض وكل طابق يعكس مستوى مذهلًا من التخطيط الهندسي والغرف موزعة بطريقة ذكية وتربطها ممرات معقدة وتحتوي على جميع المرافق التي يحتاجها السكان للعيش مثل غرف النوم والمطابخ والأسواق وأماكن العبادة.
كيف يعيش سكان المدينة تحت الأرض
رغم الظروف القاسية التي تفرضها الحياة تحت الأرض إلا أن سكان هذه المدينة نجحوا في بناء نظام حياة متكامل والبنية التحتية للمدينة تعتبر إنجازًا مذهلًا بالنسبة لعصرها حيث تم تصميمها بطريقة تضمن توفير الهواء النقي والماء والغذاء للسكان ، وأحد أبرز مميزات المدينة هو نظام التهوية الفريد الذي يتكون من مئات الفتحات التي تمتد من السطح إلى أعماق المدينة مما يضمن تدفق الهواء النقي إلى جميع الطوابق ، بالإضافة إلى ذلك تحتوي المدينة على خزانات مياه ضخمة تم حفرها بعناية لتوفير المياه العذبة ، وأما الغذاء فكان السكان يعتمدون على الزراعة داخل الكهوف حيث يزرعون النباتات التي لا تحتاج إلى ضوء الشمس المباشر ، كما كانوا يخزنون الطعام لفترات طويلة في مستودعات خاصة مما يضمن لهم الاكتفاء الذاتي حتى في أصعب الظروف ، والحياة اليومية في المدينة كانت منظمة بشكل مدهش والأسواق كانت توفر للسكان كل ما يحتاجونه من مواد غذائية ومنتجات أساسية وأماكن العبادة كانت موجودة لتعكس الجانب الروحي في حياتهم بالإضافة إلى المدارس التي كانت تُستخدم لتعليم الأطفال.
لماذا تم بناء المدينة تحت الأرض
السؤال الذي يثير فضول الجميع هو: لماذا اختار سكان هذه المدينة بناء حياتهم تحت الأرض؟ تشير الدراسات التاريخية إلى أن المدينة بُنيت في الأصل كملجأ للسكان من الغزوات والحروب التي كانت شائعة في تلك الفترة والطبيعة الصخرية للمنطقة جعلت من السهل حفر الأنفاق وبناء المدينة بينما العمق الكبير وفر حماية كاملة من أي تهديد خارجي، بالإضافة إلى ذلك استُخدمت المدينة كملاذ آمن خلال فترات الاضطهاد الديني والسياسي حيث لجأت إليها مجموعات كبيرة من السكان هربًا من القمع.
أسرار المدينة التي أذهلت العلماء
اكتشاف المدينة فتح الباب أمام العديد من التساؤلات والأبحاث العلمية وعدد السكان الذين يمكن أن يعيشوا في المدينة يصل إلى أكثر من 20,000 شخص مما يجعلها واحدة من أكبر المدن تحت الأرض في العالم ، والبنية التحتية للمدينة تعكس تقدمًا هندسيًا مذهلًا بالنسبة لعصرها وأنظمة التهوية وخزانات المياه والأبواب الحجرية الضخمة التي يمكن إغلاقها بالكامل لعزل المدينة عن العالم الخارجي كلها تشير إلى أن سكان المدينة كانوا يتمتعون بمهارات وتقنيات متقدمة للغاية وأحد الجوانب المثيرة هو وجود أنفاق تربط هذه المدينة بمدن أخرى تحت الأرض مما يشير إلى وجود شبكة مترابطة من المدن الجوفية وهذه الشبكة قد تكون دليلًا على وجود حضارة متقدمة كانت تعتمد على العيش تحت الأرض لأسباب غير معروفة حتى الآن.