“الشطافة”، هذا الابتكار البسيط الذي اعتاد عليه الكثير في الدول العربية والآسيوية، يعتبر غريبا وغير مألوف في العديد من الدول الأوروبية وربما تساءلت يوما عن السبب وراء غياب هذا الأداة في دورات المياه في أوروبا، رغم فوائدها الصحية والبيئية، الجواب قد يبدو مفاجئا، إذ يتعلق بالعادات الثقافية، والتقاليد، وحتى بعض الجوانب التاريخية.
لماذا لا يستخدم الأوروبيون “الشطّافة” بدورات المياه؟
يرجع ذلك للعديد من الأسباب منها ما يلي:
الجانب الثقافي والتاريخي
الأوروبيون يعتمدون على ورق التواليت كوسيلة رئيسية للنظافة منذ أواخر القرن التاسع عشر، عندما بدأ إنتاج الورق الناعم بكميات تجارية وفي ذلك الوقت، كان الورق يعتبر تقدما تقنيا مقارنة بالوسائل التقليدية مثل المياه أو المواد البديلة كالأقمشة، ومع مرور الزمن، أصبح استخدام ورق التواليت عادة متجذرة في الثقافة الأوروبية.
إضافة إلى ذلك، تأثرت العادات الأوروبية بالمناخ والتكنولوجيا المتوفرة. في المناطق الباردة، كان استخدام الماء البارد في التنظيف يعتبر غير مريح، وهو ما جعل ورق التواليت خيارا أكثر شيوعا وسهولة.
التكاليف والبنية التحتية
الشطافة تتطلب تركيبا خاصا وتوصيلات مباشرة بأنظمة المياه في المنازل، وهو ما يعتبر مكلفا في الدول التي لم تصمم بنيتها التحتية لاستيعاب هذه الأدوات وأغلب الحمامات الأوروبية صغيرة الحجم، مما يجعل إضافة الشطّافة تحديا هندسيا ومساحيا.
التأثير النفسي والعادات
بالنسبة للكثير من الأوروبيين، استخدام الماء بدلا من الورق قد يبدو غير مألوف وغير عملي والعادات الراسخة تلعب دورا كبيرا في تشكيل السلوكيات اليومية، إذ يرى البعض أن ورق التواليت يوفر مستوى من الراحة والخصوصية لا يمكن تحقيقه باستخدام الماء، خاصة في الحمامات العامة.
هل بدأت الأمور بالتغير؟
رغم هذا الغياب التاريخي للشطّافة، إلا أن بعض الدول الأوروبية بدأت تدرك فوائدها ومع انتشار الثقافة العالمية والسفر، بدأ الأوروبيون يتعرضون لهذه العادة ويعيدون التفكير في وسائل النظافة الشخصية. في دول مثل إيطاليا واليونان، يعتبر استخدام “البيديه” أكثر شيوعا.
كما أن الحديث عن الاستدامة وحماية البيئة بدأ يشجع على تقليل استخدام ورق التواليت، مما يدفع البعض للنظر إلى الشطّافة كخيار بيئي وصحي.
غياب الشطافة في أوروبا ليس ناتجا عن نقص المعرفة أو الإمكانيات، بل هو انعكاس لعوامل ثقافية وتاريخية واقتصادية، مع ذلك، التغيرات الحديثة قد تعيد النظر في هذه العادة، مما قد يمهد الطريق لتقبل أوسع لهذا الابتكار البسيط الذي يعتبر جزءا أساسيا من النظافة الشخصية في العديد من مناطق العالم.