شهدت قناة الجزيرة القطرية موجة استقالات لافتة أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط الإعلامية، وتعد استقالة عدد من أبرز وجوهها مثل المذيع فيصل القاسم، والمراسل عباس ناصر، ومدير مكتب القناة في بيروت غسان بن جدو، نقطة تحول مفصلية تشير إلى خلافات عميقة داخل المؤسسة، وقد وصفت الاستقالات بأنها نتيجة سياسات “تحريضية ومغرضة” تبنتها القناة، مما أثر على مصداقيتها لدى الجمهور.
استقالات بارزة تهز القناة
بحسب ما ورد في تقارير إعلامية عربية، أعلن المذيع فيصل القاسم تقديم استقالته احتجاجاً على توجهات القناة التي وصفها بأنها ابتعدت عن المهنية والموضوعية، وأكدت مصادر مقربة من القاسم أنه قرر هذه الخطوة منذ فترة، مشيراً إلى عدم رضاه عن الطريقة التي تدار بها التغطيات الإعلامية، والتي وصفها بـ”غير المتوازنة”.
في السياق ذاته، قدم المراسل عباس ناصر استقالته، مما زاد من أعباء القناة التي كانت تحاول التفاوض مع المستقيلين لإثنائهم عن قراراتهم، وتأتي هذه التطورات بعد استقالة غسان بن جدو، مدير مكتب القناة في بيروت، الذي وصف الجزيرة بأنها تحولت إلى “غرفة عمليات للتحريض والتعبئة”.
انتقادات لسياسات القناة
يرى مراقبون أن الأزمة داخل قناة الجزيرة تعود إلى تغطيتها للثورات العربية وما وصف بـ”ازدواجية المعايير”، وقد تداولت تقارير عن عرض القناة مشاهد من زمن صدام حسين على أنها أحداث جرت في سوريا، وهو ما أثار غضبا واسعا، كما تكرر الخطأ ذاته في تقارير سابقة تتعلق بأحداث في اليمن، مما دفع القناة للاعتذار لاحقاً.
أحد أبرز الانتقادات كان تسريب تسجيل للدكتور عزمي بشارة يتلقى تعليمات بضرورة تجنب الحديث عن الأردن وتبييض صورة القناة لدى السعودية والبحرين، هذا التسريب اعتبره كثيرون ضربة قاسية لمهنية القناة، وزاد من تآكل مصداقيتها.
أسباب استقالة غسان بن جدو
أكد غسان بن جدو أن استقالته جاءت نتيجة اعتراضه على سياسات القناة، خاصة فيما يتعلق بالتركيز المبالغ فيه على بعض الدول مثل ليبيا وسوريا واليمن، مع تجاهل أحداث أخرى مثل ما يحدث في البحرين، وأشار إلى أن هذا التوجه يناقض مبادئ الحيادية التي يجب أن تلتزم بها وسائل الإعلام.
بحسب صحيفة “السفير” اللبنانية، أضافت مصادر مقربة من بن جدو أن الخلل في سياسة القناة كان السبب الرئيسي لاستقالته، حيث تحول العمل الإعلامي إلى أداة للتعبئة السياسية بعيداً عن المهنية.
تحديات تواجه الجزيرة
تتوالى الاستقالات في صفوف الجزيرة، مما يضع خطة تطوير الشبكة، التي يقودها مديرها العام وضاح خنفر، في مواجهة تحديات كبيرة، إذ باتت القناة تواجه تراجعاً ملحوظاً في رصيدها لدى المشاهد العربي، وسط اتهامات بالتحيز وفقدان المصداقية.
ومع استمرار هذه الأزمات، يبدو أن الجزيرة مطالبة بإعادة النظر في سياساتها التحريرية، إن أرادت الحفاظ على مكانتها كواحدة من أبرز وسائل الإعلام في العالم العربي.