“صعود وهبوط في أسواق السلع”…. من الذهب إلى الحبوب، هل يستمر الارتفاع

اختتمت السلع الأساسية لعام 2024 بتفوق الكاكاو والقهوة، حيث حافظتا على ريادتهما كأكبر الرابحين للعام الثاني على التوالي، بفضل النقص العالمي في الإمدادات، في المقابل، تراجع الفحم المستخدم في صناعة الصلب ليكون الأضعف أداءً، نتيجة التباطؤ الاقتصادي في الصين.

وبالنسبة للمستقبل، تشير التوقعات إلى أن التوترات التجارية العالمية ستكون السمة البارزة لسوق السلع في عام 2025، لا سيما مع احتمالية عودة دونالد ترامب إلى الرئاسة وتهديده بفرض تعريفات جمركية مرتفعة، وفقاً لما أوردته وكالة “رويترز” وأكدته “العربية Business”.

وعلى جانب آخر، يتوقع المحللون أن يستمر الدولار القوي وجاذبية الذهب كملاذ آمن في دعم أسعار المعادن الثمينة، بينما من المتوقع أن يؤدي فائض العرض إلى ضغوط مستمرة على أسعار النفط للعام الثالث على التوالي.

شهد عام 2024 ارتفاعًا غير مسبوق في أسعار الكاكاو، التي تجاوزت جميع السلع الأخرى لتسجل مستويات قياسية، في ديسمبر، بلغ سعر الطن المتري في بورصة نيويورك نحو 12,931 دولارًا، مدفوعًا بتوقعات العجز المستمر في الإمدادات للموسم الرابع على التوالي في غرب إفريقيا، بسبب موجات الجفاف المستمرة.

في تعليق له، أشار أولي هانسن، رئيس استراتيجية السلع في بنك “Saxo”، إلى أن الكاكاو والقهوة كانا من أبرز الرابحين في السوق، وذلك في ظل الظروف المناخية القاسية التي أثرت على مناطق الإنتاج الرئيسية، وأضاف أن هذه السلع تعكس هشاشة الأسعار عندما تكون مراكز الإنتاج مركزة في مناطق جغرافية محدودة.

من جانبه، عانى أكبر منتجي الكاكاو في العالم، مثل ساحل العاج وغانا، من تراجع حاد في المحاصيل بسبب تغيرات الطقس السلبية، إضافة إلى مشكلات مثل الأمراض الزراعية، التهريب، وتقليص الأراضي الزراعية لصالح أنشطة التعدين غير القانونية.

وفي السياق نفسه، أثّر الجفاف بشكل كبير على إنتاج القهوة، حيث قفزت أسعار قهوة أرابيكا في بورصة إنتركونتيننتال إلى مستويات قياسية لم تشهدها منذ أكثر من 40 عامًا، بسبب المخاوف من تأثير الجفاف على المحصول القادم في البرازيل، أكبر منتج للقهوة عالميًا.

واجهت أسعار النفط والمعادن السائبة ضغوطًا كبيرة في عام 2024 بسبب تباطؤ النمو الاقتصادي في الصين، التي تُعد ثاني أكبر اقتصاد عالمي وأكبر مستهلك للسلع الأساسية، نتيجة للأزمة العقارية التي تعصف بها.

ويتوقع المحللون أن يستمر هذا الاتجاه في 2025، حيث يُحتمل أن يشهد خام برنت وخام غرب تكساس تراجعًا للسنة الثالثة على التوالي، بسبب استمرار الفائض في العرض مقارنةً بالطلب، على الرغم من أن السياسات التي يتبناها ترامب تجاه روسيا وإيران قد تساهم في تقليص الإمدادات.

فيما يتعلق بخام الحديد، تمكنت أسعاره من تعويض بعض الخسائر في الصين خلال الأشهر الأخيرة، إلا أنه سجل تراجعًا بنسبة 15% على مدار العام، وتنبأ المحللون بأن الأسعار قد تنخفض مرة أخرى في العام المقبل نتيجة لزيادة إمدادات خام الحديد، بالتوازي مع تراجع الطلب الصيني على الصلب، رغم التدابير التحفيزية التي اتخذتها الحكومة الصينية.

من جانبه، أشار باي هاو، كبير المحللين لدى شركة “Freight Investor Services”، إلى أن الزيادة في إمدادات خام الحديد من شركات التعدين الكبرى ستكون أعلى في 2025 مقارنةً بعام 2024، في حين أن إنتاج الصلب في الصين قد يشهد انخفاضًا،وتوقع أن يتراجع متوسط السعر إلى 100 دولار للطن في 2025، مقارنةً بـ 110 دولارات في 2024.

 ارتفاع أسعار المعادن الثمينة

شهدت أسعار الذهب والفضة قفزة كبيرة في عام 2024، حيث ارتفعت بأكثر من 25%، ومن المتوقع أن تستمر هذه الزيادة في العام المقب، هذا الصعود يأتي مدعومًا بتوقعات بانخفاض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، بالإضافة إلى تأثير السياسات التجارية والضريبية التي قد يتبناها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، إلى جانب الأوضاع السياسية والاقتصادية العالمية.

وأشار وارن باترسون، رئيس قسم أبحاث السلع في بنك “ING”، إلى أن الذهب سيكون في مقدمة السلع الرابحة في 2025، حيث من المتوقع أن يسهم الطلب القوي من البنوك المركزية في دعم أسعاره.

السلع الزراعية

تمكن زيت النخيل الماليزي من تحقيق مكاسب كبيرة في 2024، حيث ارتفعت أسعاره بحوالي 20%، منهياً بذلك سلسة من الخسائر دامت لمدة عامين، وكان هذا الارتفاع نتيجة لزيادة الطلب على الوقود الحيوي في إندونيسيا، فضلاً عن الظروف الجوية الصعبة التي مرت بها كل من إندونيسيا وماليزيا.

في المقابل، سجلت أسعار فول الصويا والذرة والقمح انخفاضات خلال العام، مع وفرة في الإمدادات، ولكن من المتوقع أن يشهد سعر القمح تحسنًا في 2025 بفضل الطقس الدافئ في روسيا، أكبر منتج للقمح في العالم، مما قد يؤثر سلبًا على الإنتاج.

من جهة أخرى، تتوقع البرازيل، التي تعد أكبر مصدر لفول الصويا عالميًا، تحقيق إمدادات قياسية في 2025، ما سيتيح لها تلبية الطلب المتزايد من الصين في حال تفاقم النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين.