شهدت تركيا في الآونة الأخيرة اكتشافًا أثريًا مذهلًا يتمثل في مدينة ضخمة تحت الأرض في ولاية قونية، تُعرف باسم سراييني هذا الاكتشاف الجديد يضاف إلى قائمة طويلة من المدن التاريخية المدفونة تحت سطح الأرض، والتي تسلط الضوء على براعة الحضارات القديمة في التخطيط العمراني والهندسة المعمارية.
مدينة سراييني – لمحة تاريخية ومعمارية
تمتد المدينة المكتشفة على مساحة تصل إلى 20,000 متر مربع، وتعود إلى الحقبة الرومانية وتتميز سراييني بتصميمها المتكامل، حيث تضم:
- مناطق سكنية: لتوفير مأوى آمن للسكان
- آبار مياه ومداخن تهوية: لضمان الإمدادات الضرورية من الماء والهواء
- مواقد ومستودعات: لاستخدامها في تخزين الطعام وإعداد الوجبات
- أماكن مخصصة للإضاءة: لتسهيل التنقل داخل الأنفاق والغرف.
مدن تحت الأرض في تركيا – سجل أثري غني
لا يُعد اكتشاف سراييني الأول من نوعه، إذ تمتلك تركيا مجموعة مذهلة من المدن المدفونة تحت الأرض، أشهرها:
- مدينة ديرينكويو (Derinkuyu): تقع في منطقة كابادوكيا وتُعتبر أكبر مدينة تحت الأرض تم العثور عليها في تركيا تتسع لما يقارب 35,000 إلى 50,000 شخص، وتضم مرافق متكاملة مثل معاصر النبيذ، مستودعات الطعام، إسطبلات، ومصليات استُخدمت للحماية من الغزوات والهجمات خلال العصور القديم
- مدينة كايماكلي (Kaymakli): تقع أيضًا في كابادوكيا، وتضم عدة طوابق متصلة بأنفاق معقدة تتميز بنظام تهوية فريد يضمن تدفق الهواء النقي في جميع الأنحاء تحتوي على محلات تجارية، غرف للسكن، وأماكن للعبادة
- مدينة ماتاسا (Mazı): تشبه مدن ديرينكويو وكايماكلي من حيث التصميم، وتقع في منطقة كابادوكيا تمتاز بغرفها المحمية بأبواب حجرية ضخمة يمكن إغلاقها من الداخل لأغراض الأمان.
دلالة هذه الاكتشافات
تشير هذه المدن إلى قدرة الإنسان القديم على تطوير مجتمعات مستدامة تحت الأرض، مزودة ببنية تحتية تلبي احتياجات الحياة اليومية كما تعكس الوسائل التي اعتمدت عليها الحضارات القديمة لحماية أنفسها من المخاطر البيئية أو البشرية.
آفاق البحث المستقبلي
مع استمرار عمليات التنقيب، يُتوقع الكشف عن المزيد من الأسرار حول هذه المدن، ما يساهم في توسيع معرفتنا بتاريخ البشرية وأساليب العيش في العصور القديمة وتشكل مدينة سراييني وغيرها من المدن تحت الأرض في تركيا شواهد حية على عبقرية الإنسان في مواجهة التحديات البيئية والأمنية.