في ظل سباق عالمي على موارد الطاقة برزت مصر كلاعب رئيسي في منطقة شرق المتوسط حيث أُعلن عن اكتشاف بئر غاز طبيعي ضخم يحمل اسم “أوريون-1 إكس” والتقديرات الأولية تشير إلى احتياطيات هائلة تصل إلى 10 تريليونات قدم مكعبة من الغاز الطبيعي مما يعزز طموحات مصر في أن تصبح مركزًا إقليميًا للطاقة وهذا الاكتشاف الذي يُنظر إليه كعامل تغيير في خريطة الطاقة العالمية أثار قلقًا واضحًا لدى القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة والسعودية التي تتابع بحذر تطورات قطاع الطاقة في مصر وتأثيراته الجيوسياسية والاقتصادية.
أين يقع بئر أوريون
يُعد بئر أوريون-1 إكس جزءًا من منطقة امتياز شمال شرق حابي البحرية الواقعة قبالة السواحل المصرية في دلتا النيل واستهدفت حملة الحفر التي قادتها شركة إيني الإيطالية بالشراكة مع شركة إنرجيان البريطانية تكوينًا جيولوجيًا طباشيريًا يُعتقد أنه يحتوي على احتياطيات هائلة من الغاز الطبيعي ، ووفقًا للتقديرات الأولية كان من المتوقع أن يحتوي البئر على 10 تريليونات قدم مكعبة من الغاز الطبيعي و400 مليون برميل من السوائل القيمة وهذا الاكتشاف المحتمل كان يُنظر إليه كفرصة لفتح منطقة استكشاف جديدة بين حقل “ظهر” الضخم ومجموعة من الحقول الأخرى في منطقة دلتا النيل ، ورغم التوقعات العالية كشفت النتائج الأولية لعمليات الحفر عن كميات من الغاز أقل بكثير من التقديرات الأولية ولم تصدر شركة إيني بيانًا رسميًا حول النتائج النهائية مما يترك المجال مفتوحًا لمزيد من الدراسات والاحتمالات المستقبلية ، ورغم النتائج المخيبة للآمال فإن شركة إنرجيان البريطانية لا تزال تعتبر البئر اكتشافًا محتملاً مما يعزز الأمل في إمكانية تطويره لاحقًا.
التكنولوجيا المتقدمة وراء عمليات الحفر
لعبت سفينة الحفر “سانتوريني” التابعة لشركة سايبم الإيطالية دورًا رئيسيًا في عمليات الحفر والسفينة التي تُعد من أحدث تقنيات الحفر في المياه العميقة وتمكنت من الحفر في أعماق تصل إلى 730 مترًا تحت سطح البحر وتتميز “سانتوريني” بقدرتها على العمل في أعماق تصل إلى 12 ألف قدم (أكثر من 3500 متر) وهي مجهزة بأحدث تقنيات الرقمنة والأتمتة لضمان أعلى معايير السلامة والكفاءة البيئية وتأتي عمليات الحفر في إطار خطة طموحة لشركة إيني التي خصصت ميزانية قدرها 1.8 مليار دولار لدعم عمليات التنقيب عن النفط والغاز قبالة السواحل المصرية.
لماذا يقلق هذا الاكتشاف أمريكا والسعودية
الاكتشاف المحتمل في بئر أوريون-1 إكس يعزز من مكانة مصر كواحدة من أكبر منتجي الغاز الطبيعي في العالم مع وجود احتياطيات ضخمة، وقد تصبح مصر منافسًا قويًا للدول الكبرى المنتجة للغاز مما يهدد الحصة السوقية لبعض الدول مثل السعودية ، بالإضافة إلى ذلك فإن موقع مصر الاستراتيجي يجعلها لاعبًا رئيسيًا في تأمين إمدادات الطاقة لأوروبا التي تسعى لتقليل اعتمادها على الغاز الروسي وهذا التحول الجيوسياسي قد يثير قلق الولايات المتحدة التي تسعى للحفاظ على هيمنتها في أسواق الطاقة العالمية وقد يؤدي نجاح مصر في تطوير احتياطياتها من الغاز الطبيعي إلى تقليل اعتمادها على واردات الطاقة من دول الخليج مما يعيد تشكيل العلاقات الاقتصادية بين مصر ودول المنطقة.
مستقبل الطاقة في مصر
تسعى مصر إلى تعزيز قطاع الطاقة من خلال خطة طموحة تشمل حفر 35 بئرًا جديدة للتنقيب عن الغاز وتطويره في شرق المتوسط خلال العامين المقبلين وهذا الجهد يعكس التزام مصر بتعزيز إنتاجها من الغاز الطبيعي وتوسيع صادراتها ورغم الإمكانيات الكبيرة يواجه المشروع تحديات تقنية واقتصادية وتتطلب عمليات الاستكشاف في المياه العميقة استثمارات ضخمة وتكنولوجيا متقدمة مما يزيد من تعقيد العمليات ، ومع ذلك فإن الشراكة مع شركات عالمية مثل إيني وإنرجيان تمنح المشروع فرصة كبيرة للنجاح.