في تطور يُعد من أعظم اكتشافات الطاقة في العصر الحديث أعلنت مصر عن اكتشاف حقل غاز طبيعي يُعتبر الأكبر عالميًا بإنتاجية تُقدر بأكثر من 30 تريليون برميل مكافئ وهذا الإنجاز المفاجئ يُعيد تشكيل خريطة الطاقة العالمية ويضع مصر في مقدمة الدول المصدرة للغاز الطبيعي مما يفتح الباب أمام تحولات اقتصادية ضخمة قد تُربك حسابات القوى الكبرى مثل أمريكا وفرنسا وتُغير موازين المنافسة مع دول الخليج مثل السعودية والإمارات.
حقل ريفين يُعد أيقونة الاكتشافات المصرية
يقع حقل ريفين في نطاق مشروع غرب دلتا النيل البحري الذي يُعد من أكبر مشروعات الغاز في مصر ويضم خمسة حقول رئيسية و25 بئرًا مع إمكانيات إنتاجية هائلة وينتج الحقل حوالي 600 مليون قدم مكعبة يوميًا من الغاز الطبيعي مع خطط لزيادة الإنتاج إلى 900 مليون قدم مكعبة يوميًا وتتولى شركة “بي بي” البريطانية إدارة الحقل تحت إشراف وزارة البترول المصرية مع شراكة مع شركة “سب سي 7” لتنفيذ الأعمال الإنشائية ويرتبط الحقل بمجمع غازات الصحراء الغربية وهو مشروع استراتيجي يُعزز من استغلال مشتقات الغاز الطبيعي لتلبية احتياجات السوق المحلية وزيادة فرص التصدير.
كيف يُغير الاكتشاف موازين الطاقة العالمية
مع هذا الاكتشاف تُصبح مصر منافسًا قويًا لدول الخليج في تصدير الغاز الطبيعي خاصة أن السوق الأوروبية تبحث عن بدائل موثوقة للطاقة بعيدًا عن الاعتماد على روسيا والخليج والدول الكبرى مثل أمريكا وفرنسا التي تعتمد على مصادر الطاقة التقليدية قد تجد في مصر شريكًا استراتيجيًا جديدًا يُقلل من اعتمادها على الخليج وروسيا ويسهم الحقل في توفير مصدر مستدام للطاقة لمصر مما يُساعد على تحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليل الحاجة إلى استيراد الغاز المسال وهو ما يدعم الاستقرار الاقتصادي ويُخفض الأعباء المالية.
استثمارات ضخمة وخطط تطوير طموحة
بلغت التكلفة الإجمالية لمشروع غرب دلتا النيل البحري حوالي 10.5 مليار دولار مع استثمارات إضافية لزيادة الإنتاج من الحقول الخمسة وتعمل شركة “بي بي” البريطانية على حفر آبار جديدة في حقل ريفين لزيادة الإنتاج إلى أقصى طاقة ممكنة ويهدف المشروع إلى استغلال الغازات الغنية بالمشتقات المُكتشفة في البحر المتوسط لتعظيم الفوائد الاقتصادية.
الأثر الاقتصادي للاكتشاف على مصر
رغم أن مصر تُعلن رسميًا تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي إلا أن التراجع في إنتاج بعض الحقول الكبرى مثل حقل ظهر دفعها إلى استيراد الغاز المسال مؤخرًا ومع زيادة إنتاج حقل ريفين، يُمكن لمصر تأمين احتياجاتها المحلية بالكامل ويُتيح هذا الاكتشاف لمصر الفرصة لتصدير الفائض من الغاز الطبيعي إلى الأسواق العالمية خاصة أوروبا التي تُعاني من أزمة طاقة نتيجة الصراعات الجيوسياسية وتُساهم الإيرادات الناتجة عن تصدير الغاز الطبيعي في تمويل مشروعات البنية التحتية وتحقيق أهداف التنمية المستدامة مما يُساعد على تحسين الوضع الاقتصادي للبلاد.
التحديات أمام استغلال الاكتشاف
رغم الإمكانيات الهائلة لحقل ريفين تواجه مصر بعض التحديات التي تحتاج إلى حلول مبتكرة:
- تطوير البنية التحتية: يتطلب نقل الغاز وتخزينه استثمارات ضخمة في شبكات الأنابيب ومحطات الإسالة لضمان كفاءة التوزيع.
- تراجع الإنتاج الطبيعي: كغيره من الحقول وقد يواجه حقل ريفين تراجعًا طبيعيًا في الإنتاج على المدى الطويل مما يستدعي استخدام تقنيات متطورة للحفاظ على الإنتاجية.
- التحديات التمويلية: تحتاج مصر إلى تأمين استثمارات إضافية من شركاء دوليين لدعم عمليات التطوير وزيادة الإنتاج.