في اكتشاف مذهل يعيد كتابة تاريخ الحضارات القديمة، أعلنت دراسة جديدة عن اكتشاف منحوتات صخرية في شمال غرب المملكة العربية السعودية، تعود إلى ما يقارب 7000 عام، مما يجعلها أقدم من أهرامات الجيزة المصرية وأقدم من صخور ستونهنج في بريطانيا وهذه الاكتشافات تتعلق بمجموعة من الهياكل الصخرية المعروفة بـ “المستطيلات”، والتي تثير تساؤلات كثيرة حول أغراضها وعلاقتها بالطقوس الدينية القديمة.
السعودية تعلن اكتشاف جديد يساوي مليارات الدولارات يتفوق على الأهرامات الثلاثة في مصر
تم العثور على هذه المستطيلات الصخرية في صحراء شمال غرب السعودية، حيث تمتد على مساحة واسعة تفوق 200,000 كيلومتر مربع. تحتوي هذه المواقع على أكثر من ألف مستطيل صخري، مما يعكس تكوّن مناظر طبيعية أثرية قد تكون ذات طابع طقسي أو ديني. الباحثة المشاركة في الدراسة، عالمة الآثار ميليسا كينيدي من جامعة أستراليا الغربية، أظهرت في تصريح لها أن هذه الصخور، التي تتشابه بشكل كبير في شكلها، قد تكون بنيت لنقل معتقدات أو طقوس مشتركة بين المجتمعات القديمة في تلك المنطقة.
طبيعة البناء واستخدام الصخور
تتميز المستطيلات بأحجام كبيرة، يصل طول بعضها إلى حوالي 1500 قدم، وهي غالباً ضيقة ومجمعة معًا. تم بناء هذه الهياكل باستخدام صخور طبيعية موضوعة فوق التلال أو النتوءات الصخرية في مناطق مختلفة، بما في ذلك الجبال والمناطق المنخفضة. وفقًا للدراسة، فإن هذه الهياكل لم تكن مجرد تكديس عشوائي للصخور، بل تم تصميمها بطرق معقدة للغاية تحتوي على أعمدة وأحجار قائمة، كما وجدت “حجرات” صغيرة، مما يشير إلى أنها كانت تستخدم لأغراض طقسية.
الغرض من المستطيلات والطقوس القديمة
فيما يتعلق بالهدف من هذه المستطيلات، يعتقد العلماء أنها كانت تُستخدم لتوجيه القوافل أو موكب من الناس عبر الصحراء، ولكن الاكتشافات الأثرية تشير إلى أنها كانت تحتوي أيضًا على مكونات معقدة، مما يعني أنها قد تكون كانت تُستخدم لأغراض دينية أو طقسية. وجد الباحثون أيضًا أن بعض المستطيلات تحتوي على حجرات صغيرة في مقدمتها، والتي قد تكون استخدمت كمناطق لتقديم القرابين.
في عام 2019، تم العثور على غرفة داخل أحد هذه المستطيلات تحتوي على قرون وعظام حيوانات، بما في ذلك الأغنام والغزلان والماشية، مما يدل على أن هذه الأماكن كانت تستخدم لتقديم قرابين حيوانية. كما أظهرت التحاليل أن هذه القرابين تعود إلى ما يقارب 5000 عام قبل الميلاد، وهو ما يتزامن مع أواخر العصر الحجري الحديث، عندما كانت المنطقة أكثر رطوبة وخضرة.
التحديات التي واجهها العلماء
الجدير بالذكر أن بناء بعض هذه المستطيلات كان يتطلب نقل كميات هائلة من الصخور. على سبيل المثال، أحد المستطيلات التي تمت دراستها يُعتقد أنه تم بناؤه عن طريق نقل أكثر من 12,000 طن من حجر البازلت، وهو ما يعني أن بناء هذا الهيكل قد استغرق شهورًا طويلة من العمل الشاق.
التعاون الدولي من أجل الحفاظ على التراث
هذا الاكتشاف المهم لا يمثل فقط إضافة جديدة لفهمنا للثقافات القديمة في منطقة الخليج العربي، بل يعكس أيضًا الجهود المتزايدة من المملكة العربية السعودية للحفاظ على تراثها الأثري. البحوث المتعلقة بهذا الموقع الأثري تُمول من قبل هيئة “العلا” الملكية، التي تم تأسيسها من قبل السعودية بهدف الحفاظ على التراث الثقافي والتاريخي في شمال غرب البلاد، وهو موقع غني بالآثار والمعالم القديمة مثل هذه المستطيلات.