في الأشهر القليلة الماضية، شهدت مناطق عديدة في جنوب مصر موجات من الأمطار الغزيرة والفيضانات، مما أثار تساؤلات حول تأثير كميات مياه الأمطار على وضع الموارد المائية في البلاد وفي وقتٍ حساس، يظل النزاع حول سد النهضة الإثيوبي أحد القضايا الشائكة التي تواجهها مصر، خاصةً بعد اكتمال عملية الملء الخامس للسد خلال موسم الفيضانات الأخير.
سيول مائية تقطع الأنفاس لتضرب سد النهضة وتهدد استقرار السد العالي وإثيوبيا بشكل كارثي
خلال موسم الفيضانات في يوليو وسبتمبر 2024، انتهت الحكومة الإثيوبية من الملء الخامس لسد النهضة، مما رفع مستوى التخزين في بحيرته إلى 64 مليار متر مكعب من المياه ويعتبر هذا السد حجر الزاوية لمشروع الطاقة الكهرومائية الإثيوبي الذي يهدف لتلبية احتياجات الكهرباء لنحو 60% من المنازل الإثيوبية.
الامطار والسيول في جنوب مصر
في ظل هذه الأزمة المستمرة، أعلنت هيئة الأرصاد الجوية عن هطول أمطار غزيرة على بعض المناطق الجنوبية من مصر، بما في ذلك حلايب وشلاتين وأبو سمبل وأسوان. وقد حذرت الهيئة من احتمال تحوّل الأمطار إلى سيول في بعض المناطق. وفي هذا السياق، أكدت وزارة الري المصرية في أغسطس 2024 على أن الحكومة بصدد تنفيذ سياسات ومشروعات تهدف إلى تحقيق الاستفادة القصوى من مياه الأمطار، وضمان توفير الحماية للمواطنين والمرافق من أخطار السيول.
مشروعات حكومية لحماية وتنمية الموارد المائية
في إطار سعيها لمواجهة تحديات الأمطار والسيول، قامت الحكومة المصرية بتنفيذ عدد من المشروعات الخاصة بحماية المناطق المعرضة للفيضانات. أبرز هذه المشروعات تشمل إنشاء بحيرات صناعية وسدود وحواجز في مناطق سيناء والبحر الأحمر، بالإضافة إلى مناطق أخرى مثل الجيزة، القاهرة، والصعيد. كما تم تطهير 117 مخرًا للسيول في كافة أنحاء البلاد لتخزين مياه الأمطار والاستفادة منها في ري الأراضي.
هل ستزيد الأمطار من حصة مصر المائية؟
رغم أهمية هذه المشاريع وارتفاع معدلات الأمطار في بعض المناطق المصرية، يرى أستاذ الموارد المائية في جامعة القاهرة، عباس شراقي، أن مياه الأمطار الأخيرة لن تساهم بشكل كبير في زيادة حصة مصر المائية. ويعود ذلك إلى عدم انتظام توزيع الأمطار في بعض المناطق وضعف كميات المياه التي تنتج عن هذه الأمطار مقارنة بكميات المياه التي تصل إلى مصر من منابع نهر النيل.
التحديات المائية في مصر
تواجه مصر تحديًا حقيقيًا في إدارة مواردها المائية، حيث يعاني البلد من عجز مائي قدره 55%، ويعتمد بشكل رئيسي على نهر النيل كمصدر أساسي للمياه، إذ يمثل 98% من إجمالي احتياجاتها المائية. كما تشير التقارير إلى أن مصر تعيش تحت خط الفقر المائي العالمي، حيث لا يتجاوز نصيب الفرد من المياه 500 متر مكعب سنويًا، مما يزيد من تعقيد الوضع في ظل أزمة سد النهضة الإثيوبي.