“مصر كلها اتقلبت”..رسالة على ورقة الإجابة تسببت في عدم دخولها الإمتحانات مرة أخرى | لو انت مكان المدرس هتعمل ايه؟

الامتحانات تُعتبر من أكثر الفترات التي يتعرض فيها الطلاب لضغوط نفسية تتفاوت شدتها بناءً على طبيعة الظروف المحيطة. لا تقتصر هذه الضغوط على تزايد كمية المناهج الدراسية أو الأعباء الذهنية فقط، بل تمتد لتشمل القيم والمفاهيم الأخلاقية التي يتشبع بها الطالب من بيئته الأسرية والاجتماعية، مما ينعكس بشكل ملموس على سلوكه في هذه الفترات. وفي هذا السياق، من المهم تسليط الضوء على كيف يمكن أن تؤثر هذه الضغوط على سلوك الطلاب أثناء الامتحانات وما يظهره من أفكار وسلوكيات قد تكون بعيدة تمامًا عن الهدف التعليمي الذي من المفترض أن يسعى لتحقيقه.

الطالبة التي كتبت “مفيش إجابة، والهدف الزواج”

تُعد إحدى القصص التي تجسد هذا التحدي الواقع في بيئة الامتحانات، تلك التي نشرت عبر وسائل الإعلام عن الطالبة “عبير” التي لم تجد إجابة للأسئلة في ورقة الامتحان، بل اختارت أن تكتب رسالة غير تقليدية لمعلمها. الطالبة التي لم تجب على الأسئلة بشكل تقليدي كتبت على ورقة الإجابة أنها لا ترى الامتحانات أو التفوق كهدف رئيسي في حياتها. بل كان هدفها الأساسي هو النجاح في الحياة الزوجية، الذي اعتبرته الهدف الأول والأسمى، معتبرة أن الامتحانات مجرد وسيلة للوصول إلى هذا الهدف. في رسالتها قالت: “مش أنا يا حبيبي، أنا بمتحن علشان أنجح واتجوز.”

هذه الرسالة أظهرت انعكاسًا لواقع اجتماعي قد يفرض على بعض الفتيات أو الشابات رؤية الزواج كغاية قصوى في الحياة، مما يعكس تربية أو قوالب اجتماعية قد تترك آثارًا سلبية على طريقة تفكيرهن.

الضغوط النفسية في سياق التحصيل الدراسي

ما كتبته الطالبة يعكس الصورة السائدة في بعض الأماكن التي ترى أن أولوية الفتاة تكمن في الزواج والإنجاب، مما يعزز من انعدام التقدير لقيمة التعليم. هذا قد يكون نتاجًا للبيئة المحيطة التي قد تضع في أذهان الفتيات أن المستقبل لا يتطلب أن يكون عن طريق العلم أو العمل، بل من خلال تحقيق معايير اجتماعية قد تكون غير متوافقة مع تطلعاتهم الشخصية.

في الوقت ذاته، نلاحظ أن مثل هذه الأفكار قد تتغذى بشكل غير مباشر من تأثيرات المجتمع المحيط أو من خلال وسائل الإعلام التي تروج لأفكار نمطية حول دور المرأة في المجتمع. وفي كثير من الأحيان، تكون هذه الضغوط النفسية ناتجة عن إصرار الأسرة أو المجتمع على فرض فكرة “الزواج أولوية”، مما يؤدي إلى صراع داخلي لدى الفتاة بين طموحاتها الدراسية ومطالب المجتمع.

ردود الفعل والآراء: هل الحل في العلاج النفسي أم تعديل البيئة؟

العديد من ردود الأفعال على ما كتبه الطالب تعكس حالة من الاستغراب، خاصة من الأشخاص الذين ينظرون إلى المستقبل من منظور التعليم والتمكين. فبينما رأى البعض أن رسالة الطالبة تعكس فكراً ضيقاً يجب أن يُعدل، اعتبر البعض الآخر أن التفاعل مع الفتاة يتطلب استشارة نفسية لتوجيهها بشكل سليم وإعادة بناء تفكيرها حول أولويات الحياة.

لكن السؤال الأهم هنا هو: هل يجب أن يكون الحل الأساسي في العلاج النفسي الفردي فقط؟ أم أن البيئة الاجتماعية والتعليمية نفسها بحاجة إلى إعادة تقييم وتوجيه لتحفيز الطلاب على رؤية أهداف حياتهم بشكل أكثر تنوعًا وشمولية؟

 أهمية التفكير النقدي والوعي الذاتي لدى الشباب

من المهم أن نُدرك أن الضغوط النفسية التي يمر بها الطلاب يمكن أن تكون نتاجًا للعديد من العوامل التي تشمل البيئة الأسرية والتعليمية والثقافية. لذا، فإن تعزيز قيم التفكير النقدي والتوجيه الشخصي هو الأمر الذي يجب أن يتم التركيز عليه في بيئاتنا التعليمية. وبالطبع، يظل دور الأخصائي النفسي في المدارس أمرًا هامًا لتقديم الدعم النفسي للطلاب لمساعدتهم على مواجهة الضغوط بشكل صحي، مع توفير بيئة تعليمية تدعم طموحاتهم بشكل يتماشى مع تطلعاتهم الشخصية واحتياجاتهم المستقبلية.