في إنجاز تاريخي نادر، نجحت البعثة الأثرية المصرية الألمانية في الكشف عن اكتشاف فريد داخل هرم الملك ساحورع في منطقة أبو صير، الواقعة غرب القاهرة. هذا الاكتشاف يشكل إضافة نوعية لفهم الحضارة المصرية القديمة، ويُعتبر بمثابة حلقة جديدة في تاريخ الأبحاث الأثرية الخاصة بالأهرام.
اكتشاف كنز ذهبي ضخم في تلك المنطقة يغير حياة المصريين ويذهل العالم بأسره
يعود هرم الملك ساحورع إلى الأسرة الخامسة، حيث يعد الملك ساحورع ثاني ملوك هذه الأسرة التي حكمت مصر خلال فترة تتراوح من 2400 قبل الميلاد، وهو أول ملك يُدفن في منطقة أبو صير في الجيزة. يعكس هذا الهرم فلسفة متقدمة في العمارة الهندسية، حيث يمتاز بتصميمه الفريد الذي يختلف عن باقي الأهرام من حيث التركيب والهيكل المعماري.
ويقول مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار في مصر، إن هذا الاكتشاف يعكس فلسفة الهندسة المعمارية لهرم الملك ساحورع بشكل غير مسبوق. ويضيف وزيري أن المخازن المكتشفة داخل الهرم ستفتح أمام الباحثين والطلاب، وستتاح للزوار في المستقبل القريب من المصريين والأجانب.
المخازن المكتشفة: فتح نافذة جديدة للدراسة
بدأت البعثة الأثرية عملها في هذا الموقع منذ عام 2019، ومنذ تلك الفترة كانت تركز على مشروع الحفظ والترميم للهرم. وكان الهدف الأساسي لهذا المشروع هو الحفاظ على الأجزاء الداخلية للهرم، بما في ذلك المخازن التي تم اكتشافها مؤخرًا.
اكتشفت البعثة الأثرية نحو 8 مخازن داخل الهرم، وهي تعد من أهم الاكتشافات في هذا المجال. ومن أبرز الاكتشافات أن هذه المخازن لا تزال تحافظ على بقايا جدرانها الأصلية، على الرغم من الأضرار التي لحقت بالأجزاء الشمالية والجنوبية للمخازن. ومع ذلك، أُعيد ترميم هذه المخازن وتوثيقها بشكل دقيق، ما يساهم بشكل كبير في إعادة فهم التصميم الداخلي للهرم.
غرفة الدفن وممراتها: كشف أسرار جديدة
من أبرز نجاحات البعثة أيضًا الكشف عن الأبعاد الأصلية والتصميم الأولي للغرفة الأمامية لحجرة الدفن الخاصة بالملك ساحورع. فقد تعرضت هذه الغرفة لأضرار مع مرور الزمن، مما صعَّب من إمكانية دراسة تفاصيلها الدقيقة. ورغم تضرر الجدار الشرقي للغرفة بشكل بالغ، إلا أن البعثة تمكنت من ترميم الجدران وبناء جدران داعمة جديدة، ما أسهم في إعادة بناء فكرة التصميم الداخلي للغرفة بشكل صحيح.
من جانب آخر، نجحت البعثة في الكشف عن ممر منخفض كان قد أشار إليه المعماري الإنجليزي جون بيرينغ في عام 1983. فقد كان هذا الممر مليئًا بالحطام والقمامة، ولم يتمكن بيرينغ من دخوله بسبب الحالة المتدهورة للهرم. ومع ذلك، اكتشفت البعثة الحديثة أن هذا الممر قد يؤدي إلى مجموعة من المخازن التي كانت مخصصة لتخزين الأثاث الجنائزي. هذا الكشف يضيف بُعدًا جديدًا لفهم ممارسات دفن الفراعنة وعاداتهم الجنائزية.
إعادة إحياء تاريخ مصر القديمة
يعتبر هذا الاكتشاف التاريخي تتويجًا لجهود مشتركة بين مصر وألمانيا في مجال الآثار، ويكشف عن جانب غير معروف في تاريخ الأهرام. ومع استمرار العمل في الموقع، سيكون هذا الاكتشاف بمثابة إضافة مهمة في توثيق تاريخ مصر الفرعونية وفهم التطور المعماري الذي شهدته.